رزونة عسيري لا شك عندما تكون ناجحا أو مبدعا في أي مجال من مجالات الحياة، تشعر في داخلك بنوع من الثقة العالية، ويرتقي لديك شعور بتقدير الذات واحترامها self esteem))، ومع ذلك تجد فريقين متناقضين: فريق يقف بجانبك ويساندك ويشجعك ويقدر ما فعلته تجاههم أو للآخرين، والفريق الآخر تجده ضد نجاحك ضد تميزك ويتصيد عليك الزلات حتى وإن صغرت. ولكن أجد بين الفريقين السابقين فريقا آخر يسمون بالنقاد، هؤلاء الأغلبية منهم لا يرجون مصلحة خاصة، بل متخصصون في إظهار السلبيات لتصحيحها أو الإشادة بالعمل الذي تقوم به. ومن الطبيعي ألا يتفق ويجتمع الناس على حب أحد من البشرية، حتى وإن كان ناجحا؛ لأنهم لا يتفقون إلا على حب الضعيف الذي يسلم لهم من نفسه وعقله ورأيه ومشاعره ومع أدنى سقطة له تجده قابعا تحت رحمتهم مستسلما لآرائهم طالبا رضاهم. أيضا لا يتفق الناس على بغض وكره أحد؛ لأنهم لا يتفقون إلا على كره وبغض الأشرار الذين لا يحبون أحدا، وشرهم موصول لأغلب الناس. لعلي أجد في شخص نبينا الحبيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، مثالا، فالمسلمون متفقون على حبه والصف الآخر من الكفار يقفون ضده ويبغضونه، فجميل جدا أن يختلف ويتفق الناس في بغضك وحبك. مسألة الانتقاد: أرى أنها حالة طبيعية لدى الناس وحق لهم لا يختلف عليه اثنان، ولكن! السؤال الذي يطرح نفسه هل هناك حدود، وآداب، وواجبات، وشروط للانتقاد، أم لا شروط، ولا حدود، كما يسمونه حرية التعبير عن الرأي؟. أحيانا أجد نفسي مع الذين لا يوجد لديهم حدود، ولا شروط للانتقاد، فهو حق لكل شخص ينتقد ويقول رأيه بكل حرية!، وأحيانا أقف مع الذين يطالبون بوضع حدود، وشروط للانتقاد، في ظل ما يحدث حاليا في أغلب القنوات من مواقع تواصل اجتماعي أو تلفزيون أو حتى إذاعة، وفي جميع اللقاءات الثقافية الحوارية والدينية وحتى الرياضية، المليئة بالمشاحنات، والنقد الهادم وليس البناء، والقذف والتراشق بالتهم، والإسقاطات، وشخصنة الأمور. وحتى أكون منصفة، نجد مجموعة قليلة تستمتع وأنت تسمع انتقادهم وحواراتهم. ولكن ما توصلنا إليه هو لا يمت للنقد بصلة. لا احترام، ولا تقدير للإنسان والمكان، فضلا عن اختيار الألفاظ البذيئة التي تخرج من فم هذا وذاك، بعيدة عن الأخلاق وعن الروح الرياضية كما يقال. فمن حقي وحقك أن نرى أنفسنا زعماء وعظماء إن استطعنا فإن عجزنا فلنكن زعماء أنفسنا، ولنكن دائما الصوت والرأي الذي تحمله الريح إلى المدى، وإلى أسماع المسؤولين؛ لإيصال أصواتنا وأصوات الناس، وللشخص الذي نريد انتقاده، لا أن نكون الريح التي تدخل آذان الناس بأصوات الآخرين دون فائدة تذكر. ما أود أن أختم به هو: لتنطق ألسنة الناقدين بما تشاء، ولتتسع لها صدور المنتقَدين ما استطاعت، فما أجمل أن نستمتع بحرية الرأي والتفكير والانتقاد.