أشارت تقارير دولية إلى أن العراق ما زال مستمرا في احتجاز آلاف الأشخاص دون محاكمة أو توجيه اتهامات لهم وتعرضوا لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. وانتقد ناشطون عراقيون معنيون بحقوق الإنسان تكتم بغداد عن إعلان الجهات الرسمية أعداد المعتقلين العرب في السجون العراقية، وما إذا كانوا قد حصلوا على محاكمات عادلة، وطبقت بحقهم المعايير الدولية في التعامل مع المدانين أو المتهمين أو المشتبه بهم . المحامي والناشط المدني فلاح الفراجي استبعد إمكانية الحصول على بيانات دقيقة عن أعداد المعتقلين العرب في السجون العراقية. وقال ل "الوطن" من الصعب في العراق توفر المعلومات، عن الكثير من القضايا، ومنها أعداد المعتقلين المحتجزين في السجون العراقية، وغالبا ما تدعي الجهات الرسمية أن الكثير من القضايا مازالت في مراحل التحقيق وليس من المصلحة الوطنية ولدواع أمنية الكشف عنها في الوقت الحاضر" مشيرا إلى أن وزارة العدل تصدر بين آونة وأخرى قوائم بأعداد المعتقلين الصادرة بحقهم أحكام بالسجن: "ثم تعلن تنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانيين، الأمر الذي يدل على غياب الشفافية، فالمتهم من حقه أن يكلف أحد المحامين للدفاع عنه، ويجب أن تتوفر له محاكمة عادلة على وفق المعايير الدولية" مستدركا بأن الجهات الرسمية: "تتقصد فتح مثل هذه الملفات وأعني بها أحكام الإعدام خشية غضب واعتراض المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان". بيانات "العدل" وفي آخر تقرير صدر عن وزارة العدل مطلع العام الحالي بين أن عدد السجناء العرب في العراق بلغ 462 سجيناً وبينهم 65 مصرياً و100 سوري و90 سعودياً و12 تونسياً و15 جزائرياً و23 ليبياً و22 أردنياً و19 سودانياً و24 يمنياً و40 فلسطينياً و13 مغربياً ولبناني واحد، فيما لا تمتلك وزارة حقوق الإنسان والهيئة العليا المستقلة المعنية بذات الشأن أية بيانات، وتعتمد على التقارير الصادرة من وزارة العدل التي تبين أعداد المحتجزين لديها، من دون الإشارة إلى الآخرين الذين يتم اعتقالهم ويتم احتجازهم في مراكز أمنية. واعتادت الحكومة العراقية إعلان القبض عن مسلحين من جنسيات عربية متورطين بارتكاب جرائم، وأعداد هؤلاء ليست معروفة وفي ضوء ما يعلن فإن التقديرات تشير إلى وجود المئات رهن التحقيق. تضارب المعلومات المعلومات عن أعداد المعتقلين السعوديين في العراق متضاربة، فبعض التقارير المنشورة أشارت إلى أن أعداهم بحسب الحكومة بلغت 61 فيما ذكرت تقارير أخرى وجود العشرات منهم في سجون سرية، وكانت وزارة العدل أعلنت مؤخرا نقل 59 سعوديا من سجن الرصافة إلى الناصرية على خلفية الهجمات التي شهدتها سجون عراقية بهدف إطلاق من فيها. من جانبه قال مسؤول في وزارة العدل ل"الوطن" رفض الكشف عن اسمه إن: "أعداد النزلاء السعوديين الذين صدرت عليهم أحكام بالسجن تبلغ نحو 60 سجينا، وقد تم إطلاق سراح بعضهم لإنهاء محكومياتهم ولدينا معلومات بأن عشرات السعوديين ما زالوا محتجزين رهن التحقيق" مؤكدا رغبة الوزارة في تطبيق اتفاقية تبادل المعتقلين بين العراق والسعودية محملا مجلس النواب مسؤولية تعطيلها: "سبق أن تم توقيع اتفاقية بين البلدين، لإطلاق سراح المحكومين بعقوبات سالبة للحرية، والوزارة حريصة جدا على تطبيقها، ولكن مجلس النواب العراقي لم يصادق عليها، وحينما يتم ذلك ستتولى الوزارة التنفيذ". تعطيل المصادقة صادق مجلس النواب العراقي مؤخرا على اتفاقية تبادل المعتقلين بين العراقوإيران فيما رفض التصويت على اتفاقية مماثلة مع المملكة العربية السعودية، وعزت عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب عن التحالف الكردستاني أشواق الجاف، أسباب رفض التصويت لعوامل سياسية، وقالت ل "الوطن": "الخلاف السياسي بين القوى الممثلة في البرلمان عرقل تمرير الكثير من مشاريع القوانين واتفاقية لتبادل المعتقلين بين العراق والسعودية واحدة منها، فنواب التحالف الوطني الذي يقود الحكومة تبنى موقف السلطة التنفيذية في التعاطي مع الاتفاقية فكان يقف ضد تمريرها ورفض التصويت عليها "مشيرة إلى أن لجنتها كانت قد طالبت النواب بالمصادقة على الاتفاقية:" انطلاقا من الإيمان بحقوق الإنسان، ومنح الفرصة للمعتقلين العراقيين في المملكة بقضاء مدة محكومياتهم في بلدهم، وكذلك الأمر بالنسبة للطرف الآخر، لكن الخلاف وتداعيات الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد ألقيا بظلالهما القاتمة على بلورة موقف موحد لتمرير الاتفاقية، وما حصل هو التصويت على أخرى". انتهاك الحقوق واحد من أسباب اندلاع الاعتصامات في ست محافظات عراقية يعود إلى انتهاك حقوق الإنسان بعمليات الدهم والتفتيش والاعتقال، فطالب المحتجون بإقرار قانون العفو العام لإطلاق سراح الأبرياء، وهذا الملف مازال قائما، ولم يحسم، وهو يخص العراقيين. وترى الخبيرة القانونية والناشطة فائزة باباخان، أهمية أن تلتفت الحكومة لتصحيح ممارساتها، وتعمل على تحسين صورتها في المجتمع الدولي، وقالت ل" الوطن" الحكومة الحالية انتهكت حقوق أبنائها بممارسات الاعتقالات العشوائية بالمادة "أربعة إرهاب"، ومن المفروض أن تعيد النظر بالكثير من القضايا، ولاسيما أن المنظمات الدولية أبدت قلقها على الأوضاع الإنسانية في العراق". مطالبة المسؤولين العراقيين بنبذ سياسية الكيل بمكيالين في العامل مع دول الجوار:" ليس من المعقول المصادقة على تبادل المعتقلين مع إيران، فيما الأخرى مع السعودية لا تخطر في بال أحد، والموقف لا يحتاج إلى تفسير، وهو يعني رهن الإرادة العراقية بيد إيران مع الأسف، والوضع الحالي الذي تعيشه المنطقة يتطلب اعتماد سياسية متوازنة مع جميع دول الجوار وخاصة مع المملكة، بالمصادقة على اتفاقية تبادل المعتقلين بين بغداد والرياض". من جانبه أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان كامل أمين أن العراق أبرم اتفاقيات مع عدد من الدول العربية لتبادل المعتقلين منها السعودية وليبيا واليمن ولبنان والأردن، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقيات "معروضة أمام مجلس النواب كي تشرع بموجب قانون قبل أن تدخل حيز التنفيذ". لافتا إلى أن المحتجزين العرب في السجون العراقية يتمتعون بظروف اعتقال تنسجم مع المعايير الدولية: "وتم مؤخرا تخفيف عقوبة إعدام صادرة بحق 5 سعوديين إلى السجن المؤبد و15 عاما".