ماجستير أصول تربية تتفتق الأسئلة غالباً من التفكير العميق أو من لحظة تأملية خاطفة أو حتى من موقف مريب يدفع الطفل للسؤال! بعد قراءتي لأسئلة مجموعة من الأطفال في مدرسة أميركية، طلبت منهم المعلمة توجيه رسائل لله أو حتى أسئلة لا يتمكن الآباء والمعلمون من الإجابة عنها، كانت أسئلة أولئك الأطفال تتدفق بالكثير من الحكمة والتفكير العميق، مما جعلني أتساءل: أيّ تعليم بإمكانه إنتاج مثل هذه العقول؟! أيّ طرائق تعليمية بمقدورها دفع الأطفال للأسئلة بهذا العمق من التفكير؟! أعتقد لو أنّي توجهت لمجموعة من الأطفال في المدارس الابتدائية كما فعلت تلك المعلمة فلا أظن أنني سأجد نفس النتيجة من التفكير التأملي! إذن، ما السبب؟! مسؤولية تربية وتعليم النشء لا تنحصر فقط بدور المدرسة والمعلم، بل إن الأسرة وبقية مؤسسات التنشئة الاجتماعية تشاطر المدرسة هذا الدور العظيم لكن، أنّى سنجد مثل تلك المخرجات إن كان التعليم ينحصر في ركن ضيق دون إتاحة الكثير من المساحات الفكرية للأطفال بترك حرية الأسئلة لهم دون أن يتضايق المعلم أو أن ينعتهم بنعوت أخرى تجعل من الطفل يصاب بعقدة من السؤال؟! رغم أن هذا حقه المشروع! متى سيتمكن المعلم من الإجابة على أسئلة الأطفال دون أن يراوغ أو يشوه المعلومات بحجة صغر سنهم؟! متى سيدرك الطفل أن قضاء وقت الفراغ ليس فقط باللعب وقضاء الساعات أمام الأجهزة الإلكترونية بل بالقيام بأمور أخرى يحبها كالقراءة المتنوعة -لا قراءة القصص المسلية فقط - والرسم حتى؟! تلك الأمور التي تجعل من فكرة التأمل العميق وطرح الأسئلة أمراً ممكناً، لأنه وبطبيعة الحال، لن يكون بمقدور الطفل السؤال إن كان يقضي معظم وقته وهو يردد الكلمات ليحفظها أو حتى بالجلوس أمام التلفاز بالساعات أو بقضاء وقته باللعب بالأجهزة الإلكترونية؛ لأنها ستصيب عقله بالتبلد والقولبة! وهنا يأتي دور الأم والأب والمعلم بأن يتم وضع خيارات أخرى أمام الطفل، مع أهمية استخدام الأسلوب المناسب دون تنفير، كأن يشارك الأب أو الأم في نوعية ما يقرأ الطفل، بأن يطرح المعلم مسابقة للقراءة صفية أو حتى على مستوى المدرسة، تدفع الأطفال لفتح آفاق أخرى لهم من خلال القراءة. كذلك على الأم والأب تحفيز طفلهما بالهدايا أو أشياء يحبها بمجرد انتهائه من قراءة كتاب، فمع الوقت ستصبح القراءة أسلوب حياة للطفل، ومن هنا يأتي النشء الواعي الذي يطرح أسئلة تأملية نابعة من سعة الاطلاع والتفكير العميق، والتي لن يطول الوقت به حتى يجد الإجابة الشافية بين دفتي كتاب.