ما أجمل الأطفال، وما أنقى قلوبهم! نقسو عليهم في لحظات جهلنا، يبكون بسببنا، ثم يعودون ضاحكين في وجوهنا، ويرتمون في أحضاننا! حين يتشاجر الأطفال دعهم؛ فإنهم سرعان ما يعودون لبعضهم البعض؛ لأن قلوبهم لا تحمل الحقد، ولأن حبهم لبعضهم البعض غير مبني على المصلحة. اطلب من طفل أن يساعد آخر، وتأمّل تفانيهم وتنافسهم في تقديم الخدمة، أو المشاركة فيها. طفل اليوم اختلف عن طفل الأمس كثيرا، طفل اليوم بحاجة إلى أن تخاطب عقله، تغذي أحاسيسه، تبني شخصيته! أبعد ما استطعت هؤلاء الأطفال عن مشاهدة أي مشهد يرعبهم، أو يقلقهم، أو يجعل الموازين تختل في عقولهم، أو يبعث في نفوسهم الحيرة والتردد. أطفال اليوم بحاجة إلى أن يدركوا معاني كثير من المصطلحات التي تخصهم: (تحرش، عنف، تسول). احرص على تثقيفهم وتعليمهم، ولا تكتف بما يتعلمه الطفل في المدرسة، ولا تنس أن النبي عليه الصلاة والسلام قد جعل فداء بعض أسرى بدر من الكفار ممن لم يكونوا يملكون شيئا: تعليم أولاد المسلمين الكتابة، إيمانا منه بأهميتها! هؤلاء الأطفال في حاجة اليوم إلى أن نرعاهم، ونثقفهم؛ حتى لا يأتي عليهم يوم يلوموننا فيه على تقصيرنا في حقهم! الطفل يريد من يبني شخصيته، لا من يحطمها بالمبالغة في الخوف عليه، وعزله عن أقرانه، أو غرس عادات سيئة فيه، أو تربيته على العدوانية، والأنانية، والرغبة في الانتقام! الطفل بحاجة إلى أن نربطه بواقعه، ونعلمه أخطاء كثير ممن يراهم، وربما تأثر بهم؛ في الشارع، وفي التلفاز، وفي اللعبة! الطفل يريد مساحة واسعة من التخيل؛ لذا اجعله يقرأ القصص، ويرسم، ويشكل، ويتأمل، ويصف، اقبل ما يقول، شجعه، وحفزه! الطفل يريد من يحبه، يعامله كإنسان، يحترم إنسانيته، يراعي أحاسيسه، ويرحم ضعفه! همسة: تقول الأديبة فدوى طوقان: "يتمدد قلبي حين يعانقني طفل".