الخبر القاطع، أو الشهادة، أي الإخبار عما شاهده وعاينه من يدعى (شاهد)، وهي الإخبار بالحق، قال تعالى: "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه"، وقال تعالى: "لا يأب الشهداء إذا ما دعوا"، وقد حرص الدين الإسلامي على تبيان أهمية الشهادة وأوجد شروطا لها وأحكاما متعلقة بها، فاشترط فيمن تقبل شهادته: الإسلام، البلوغ، العقل، الكلام، الحفظ، الضبط، اليقظة، العدالة، قال تعالى: "وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم"، "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء". كل ما سلف هو جزء من مفهوم الشهادة وضوابطها التي علمنا إياها الإسلام، واتبعتها دول مسلمة وغير مسلمة لتكون تشريعا لها في تعاملاتها القضائية في العالم الواقعي، لتحفظ توازن البشر على الأرض. ورغم قوة السلطة البشرية لتثبيت هذه التشريعات إلا أننا ما زلنا نشهد في عالمنا الواقعي حالا يخبر بغير تلك التشريعات، فكثر الادعاء، وكثر الإشكال، وكثر الزور، وكثر الظلم، وكثرت الشهادات الباطلة، وهذا الواقع الذي يحمل رهبة العقاب من أصحاب السلطة، فما بالك بالعالم الافتراضي الذي يبتعد عن أي سلطة لعقابه أو مقاضاته، عالم شائك، عالم يقرب ويبعد، عالم يجرف ويوقظ، ينفع ويضر، لا واقع ولا خيال، هو: العالم الافتراضي، فإن رغبت بشهادات الإطراء فما عليك إلا زيارة هذا العالم المدعو افتراضي، ففيه ترسم الشخصيات الخيالية، ومنه تنطلق الفتوحات الكلامية، ومنه تهدم أركان اجتماعية، فمتاهته لا حل لها. وأغرب ما شدني في هذا العالم (الافتراضي) أن هناك مروجين لشهادات في حق بعض الشخوص العاديين، يحاولون إجبارك على تصديق ما لا يصدق، ويقنعونك بأن ترى بعيني (دون كشوت) طواحين الهواء، عمالقة يقاتلهم هو وحده.