لست أول أو آخر من تناول الحديث عن هيئة استبشر الناس بتأسيسها ووجودها المتأخر؛ لمكافحة إدمان المفسدين، ممن وثقت بهم الدولة في بناء وتنمية هذا الوطن الثر... تلكم الهيئة التي تمنينا وما زالت أمانينا قائمة في تحقيق ما يمكن أن نسميه بداية التصحيح - شأنها في ذلك شأن الحملة التصحيحية التي قامت بها مؤخراً وزارتا العمل والداخلية مشكورتين، في خطوة رائدة لمس الجميع آثارها في مجال تصحيح الأوضاع، رغم وجود بعض السلبيات التي نأمل أن تعالج في الأيام القريبة؛ كيلا تتعطل مصالح المواطن - لنطبق النزاهة بكل ما تعنيه هذه الكلمة، وبكل مصداقية وأمانة وعدل وإنصاف، وحتى يتوافق دور الهيئة مع مسماها الذي وضعت من أجله. لقد أصبح الفساد لدينا ظاهرة لافتة يعرفها ويلمسها جميع المواطنين بكافة الشرائح والطبقات، ولعل ذلك قد يكون مؤشرا قوياً ودليلاً قاطعاً على أن الهيئة ما زالت تتأهب وتستعد وتتلقى البلاغات من المواطنين دونما حراك موسع، ومكثف يشمل كثيراً من المدن والمحافظات؛ لمكافحة الفساد "المستشري" في ضمائر المرابطين على توسيع دائرة فسادهم، بكل ثقة وطمأنينة؛ مما قد يثير كثيراً من التساؤلات لما يحدث أمام الملأ! ولعل أبرز من يتصدر قائمة ذلك هو فساد المشاريع، الذي يتصدره صغار "الهوامير".. والشواهد على ذلك كثيرة، منها كارثة أحداث جدة، التي أصبحت علامة فارقة في سجل أولئك العابثين... وعلاوة على ذلك ما كشفه تقرير ديوان المراقبة العامة في أحد تقاريره بأن أجهزة الدولة صرفت خلال عام واحد فقط مبلغ "ثلاثة مليارات وخمسمئة وثمانين مليون ريال دون وجه حق أو مستند نظامي" أو مبرر لذلك الاستنزاف والهدر للمال العام، بتلك الصورة التي تستوجب المحاسبة قولا وفعلاً، بعيداً عن التدخلات التي من شأنها الحد من تحقيق أهداف الدولة في الجانب التصحيحي والإصلاحي، المتمثل في قيام الهيئة بواجبها – مستقبلا- على الوجه الأكمل.. مقدما نشكر الهيئة على جهودها القادمة، ونأمل من رئيسها والقائمين معه أن نلمس دورها في جميع المدن والمحافظات. وقفة: محاربة الفساد لم تعد أمراً ضرورياً فحسب، بل ضمان لاستقرار وازدهار أمن هذا الوطن.