لم يكد المراقبون يربطون بين إعلان تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة واحتمالات حدوث توافق في المواقف بين الفرقاء السياسيين، حتى عاد حزب الله إلى ممارسة عادته القديمة في توتير الموقف من جديد، بعد الخطاب الصادم لزعيمه حسن نصر الله، الذي أكد فيه تمسكه بالبقاء في سورية ومواصلته القتال إلى جانب نظام الأسد. وكانت ضغوط دولية وإقليمية وداخلية قد نجحت في إحداث اختراق رئيسي سمح بتشكيل الحكومة، بهدف حماية لبنان من مغبة الوقوع في مشكلة الفراغ الدستوري، ومن ثم تحمل الآثار السالبة لتطورات الأزمة السورية، مما كان من الممكن أن يحوله إلى ساحة حرب بين "حزب الله" والتنظيمات الأصولية الأخرى. وكان مراقبون قد رفعوا من سقف توقعاتهم بعد التقارب الذي حدث بين تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري مع رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، مما أفضى إلى إزالة المعوقات أمام التشكيل، والاتفاق على صيغة البيان الوزاري الذي يتوقع أن يقفز فوق صيغة الجيش والشعب والمقاومة إلى الالتزام بإعلان بعبدا الذي يؤكد على التزام سياسة الحياد، وبالتالي يكفل عدم التدخل لأي قوة أو فصيل لبناني في سورية. وتوقع المراقبون احتمال تحقيق مصالحة بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" بوساطة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، مستدلين بما كتبه الحريري في مناسبة الذكرى التاسعة لاغتيال والده يوم الجمعة الماضي، إذ نشر تغريدة على موقع تويتر، تتمحور حول العفو. إلا أن النائب البرلماني في كتلة "المستقبل" خالد زهرمان قال في تصريحات إلى "الوطن": "من المبكر الحديث عن مصالحة بين الحزب و"تيار المستقبل"، لا سيما أن خطاب نصر الله الأخير لم يكن في هذا الاتجاه، عندما أكد بقاءه في سورية، ولم يكن خطابه خطاب مصالحة. لذلك علينا الانتظار لمعرفة ما سيؤول إليه النقاش حول البيان الوزاري، وما إذا كان حزب الله سيتخلى عن ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، والالتزام بإعلان بعبدا الذي يستلزم انسحابه من سورية".