تتوالى السنين، وعاما بعد عام تتكوّن اللجان؛ بغية تطوير "المناهج الدراسية" في مختلف المراحل، ويبدأ السيناريو المُحدَّث ليواكب التجديد في شتى جوانب العلم والمعرفة، ومتطلبات الحياة ليقوم "واضعو النصوص" من المطورين وذوي الرؤى المستقبلية المتفائلة بكتابة "نص احترافي" يناسب ممثلين متمرسين!!.. من معلمين مبدعين، وطلاب موهوبين متقدي الذكاء، واسعي الاطلاع، لا يتورّعون عن طرْق كل باب للعلم، فلربما حصلوا على مفهوم علمي جديد أضاف لهم فخرا بأنفسهم، وزادهم فرحة باجتهادهم. وتبدأ "ورشة العمل" وتتوالى صفحات (النص المحبوك درامياً)، فيشمل التطوّر "طرق التدريس" وكيفية عرض المادة لطالب، بل يبلغ حد الإتقان ليصل إلى (تفتيح) ذهن المعلم؛ ليستوعب متطلبات "تأدية السيناريو" الجديد، فيعطي الدورات والمحاضرات؛ ليقوم بدوره في "دراميّة التعليم الحديث". ولكن رغم كل تلك الخطى التطويرية المتسارعة والتجديد الملحوظ، إلا أن (مارد) "الطالب المُلقن" لايزال مهيمنا بسلوكه (الطاغي والمتمرد) على ذلك "النص المرسوم". فدور الطالب لازال كما هو منذ سنين ما قبل التحديث، فعقليته لم تشملها "الفورمات" التي شملت منهجه الدراسي ومعلمه. فهو لا زال يكرّر سيناريو "أفلام الأبيض والأسود" وبامتياز!! ممزقا كل أوراق "النصوص الهوليودية" التي تُكتب له (كل عام)، فإلى متى؟ أما آن الأوان أن يتحوّل نظام التعليم إلى "التعليم الذاتي"، فيعطي المعلم طلابه "مباحث" أسبوع كامل، ويحدد لهم الأفكار بأسئلة تجعلهم في عصف ذهني، وبحث مستمر طوال الأسبوع، ثم يلتقي بهم في يوم محدد؛ ليتابع نشاطهم وما وصلوا إليه، ويقوم بتوجيههم "في حال احتياجهم لذلك". وبذلك سيكون الطالب حريصا على التحصيل، وإعمال ذهنه الدائم، وسيتحمل مسؤولية التعليم، ويتفاعل أكثر. وبهذا سنحصل على جيل مبرمج عقلياً على تعليم ذاته، وتثقيفها. فيطوّر ملكاته العقلية بنفسه، ويكون شغوفا بالعلم وتحصيله، فتصبح أنهار العلم وروافده "مُستقاه الأول" ومنهله العذب.