في جناح أنيق بمعرض للمفروشات افتتح مؤخرا في جدة يحمل عنوان "كتان الفولجا" (Volga Linen)؛ تقف سيدة بملامح غربية، يعتقد أنها روسية من خلال اسم "الفولجا" ويعني بالعربية "المشرق"، وهو نهر روسي يعد أطول أنهار في أوروبا ويصب في البحر الأسود، إلا أنه عند سؤالها عن جنسيتها، أجابت بأنها إنجليزية، واسمها تيريزا تولمارش. بدأت تولمارش عملها في صناعة الستائر، ومفارش الفنادق الراقية المصنوعة من الكتان الروسي الصافي، أتت إلى المملكة لاكتشاف الأذواق السعودية الفاخرة، وتوسيع ثقافة اقتناء الكتان في المنازل، والمنافسة في سوق التجزئة المحلي، الذي تعدّه من الأسواق البكر القادرة على استيعاب أذواق جديدة، وصناعات عالمية. تقول مؤسسة شركة "Volga Linen" تيريزا تولمارش ل"الوطن" "بدأت عملي الخاص في سن متأخرة، إذ كنت أريد عمل شيء أملأ به وقت فراغي بعد أن كبر أولادي، وشقوا طريقهم في الحياة، وتركوا منزل العائلة، وكنت أتردد على روسيا أواخر الثمانينات إبان الحقبة السوفيتية؛ بحثا عن جذوري من جهة الأم، وكنت كالعادة أشتري هدايا مختلفة للأهل والأصدقاء من متجر الكتان الروسي الشهير "Russky Lyon"؛ حتى جاء عام 1997 عندما اقترحت علي صديقة صحفية أن أستورد الكتان من روسيا إلى إنجلترا، وتسويق منتجاته الراقية، ووعدتني بأن أكون القصة الرئيسة على صفحات مجلتي. وبالفعل، هكذا كانت البداية، إذ بدأت بزيارة مصانع الكتان والمزارع المنتشرة على ضفاف نهر "الفولجا" تمهيدا لاستيراده". وتضيف "قطعت آلاف الكيلومترات من موسكو في ظروف كانت تعاني فيها روسيا من أوضاع اقتصادية قاسية؛ حتى أتمكن من جلب أقمشة الكتان، التي أعمل على تصميمها بنفسي، وأنفذها في معملي الخاص، فيما أستوحي أفكار النقوش والتطريز من زياراتي للمتاحف التاريخية. أما الآن، أعتمد على الكتان المزروع في دول الاتحاد الأوروبي؛ نظرا لتغير طبيعة الاهتمامات الزراعية في روسيا، وقرب الأسواق الأوروبية من المملكة المتحدة". وحول خياراتها المفضلة في الإنتاج، تقول تولمارش، إن "إنتاج مجموعات صغيرة بألوان رائعة وتطريزات مميزة هو اختياري الأمثل، لأني لا أؤمن بتقديم الخيارات الواسعة، فالمجموعات الصغيرة ذات الألوان الطبيعية هي مايبرز الطابع الجمالي للكتان". وحول تطلعاتها في المملكة، تقول سيدة الكتان الإنجليزية: "أتمنى أن أجد قاعدة مميزة من العملاء الذين يقدرون جمال الكتان الطبيعي، وملاءمته للظروف الحارة، إذ إنه يمتلك خواص العزل، ومنح الإحساس بالبرودة. كما أنه دافئ ومريح في الشتاء، ولهذا يتحول الناس بالتدريج إليه، وأنا أقدم مجموعات جاهزة منه، إلى جانب الأقمشة". وأكدت تيريزا أنها تحب التعامل مع عملائها السعوديين المحتملين، وتوفير الطلبيات الفاخرة المصممة خصيصا لهم؛ سواء في قطاعات الفنادق، أو الضيافة، أو المنازل، متطلعة إلى افتتاح منافذ بيع مباشرة ليتعرف متذوقو الكتان إليه عن قرب؛ عوضا عن الطلب عبر الإنترنت. وتنصح تولمارش السعوديات الراغبات في افتتاح مشاريعهن الخاصة بضرورة وضوح الفكرة في الذهن، والبدء بخطوات صغيرة؛ لئلا يكون التوسع على حساب الاقتراض الكبير، وصعوبة الوفاء بالديون، وبالتالي تضرر العمل. وتضرب مثلا على ذلك بنفسها قائلة: "بدأت مشروعي باقتراض مبلغ من المال من أربعة أصدقاء، وكنت قادرة على سداد كامل المبلغ بعد 18 شهرا استلامه، وكنت أبيع مجموعات من الكتان للأصدقاء في منزل خاص يستخدم لهذا الغرض، ومع مرور الوقت صرت أعرف ما يحبه الناس بثقة أكبر، وأصبحت أشارك في المعارض، وكان آخرها معرض المفروشات "ديكوفير 2013" في جدة، وبدأت قاعدة العملاء تكبر لدي". وتقدم خلاصة خبرتها بالقول: "تبدو مزاولة الأعمال دون خبرة مسبقة حماقة أحيانا، ولكن ليس هناك عمل مستحيل لا نستطيع تعلمه، وإذا كان لدينا إيمان حقيقي بمنتجنا الذي نقدمه ونبيعه للآخرين، فمن السهل إقناع الناس باتخاذ قرار الشراء". وأوضحت تيريزا أن الكتان نبات حولي ينتمي للفصيلة الكتانية، ويزرع في مساحات واسعة من المشرق العربي، وأوروبا، وآسيا، ويعتقد أن بداية استخدامه تمت في منطقة الهلال الخصيب، وتستعمل أقسام من نبتة الكتان في عدة صناعات منها زيت بذور الكتان، والقماش، والحبر، والورق، وشباك الصيد، والصابون، ومثبتات الشعر، إلى جانب زينة الحدائق.