طفل لا يتجاوزر الثالثة من عمره، يمشي وهو يمسك بيده جهاز "الآيباد". صورة اعتدنا على رؤيتها في عصر تبرمج أجياله على تطبيقات الألعاب التي تعجُّ بها واجهة هذا الجهاز الساحر!! فقد أصبح الأطفال في (عصر الآيباد) روبوتات! لا ترى ولا تشعر ولا تفكر إلا من خلاله. سؤالي هو: لماذا تفاقمت هذه الصورة حتى أصبحت ظاهرة يؤسفنا التباهي بها بين أوساط العائلات، على حساب "برمجة أطفالهم آيباديّا"؟.. فإننا إذا أغفلنا "الأضرار الصحية" التي تسببها مثل هذه الأجهزة الذكية، فإننا بالكاد لن نستطيع إغفال "أضرارها الاجتماعية"! فقد أصبح الطفل (خامل الذهن)؛ فهو يقف عند مرحلة اللعب ولا ينتقل إلى مرحلة التفكير المستقل والابتكار، وأصبح "انطوائيا على نفسه"؛ فعالمه تختصره بطارية الجهاز، فإذا ما فرغت هرع إلى أقرب "مقبس كهربائي" كي يعود إلى عالمه، فهو حتما يشعر بالغربة إن ابتعد عنه ولو قليلا!! وأيضا لا ننسى اجتياح أمواج "الكسل الدراسي"؛ فالأطفال لا يجدون المتعة التي تجذبهم لاستذكار دروسهم، كتلك التي يجدونها تفتح لهم أذرعتها في جهازهم الصغير، فتدنى مستوى اهتمامهم بالدراسة وبالتالي تحصيلهم الدراسي. نحن بحاجة فعلية إلى (تقنين) استخدام هذه الأجهزة، وتقليص مدة استخدامها. فبدل الإدمان اليومي عليها، يجب تحديد يوم في الأسبوع ولساعات محددة. ومحاولة إشغال الطفل بالأعمال اليدوية، التي من شأنها أن تنمي فيه حس الإبداع كالرسم والتعبير والتصميم وقراءة الكتب. ينتهي بي الحديث ليقف عند نقطة (الأهل) والوالدين تحديدا؛ فعليهم منح أبنائهم جزءا من وقتهم للجلوس معهم، ومشاركتهم هواياتهم، حتى لا يتحول "الآيباد" إلى (زجاجة حليب) يتم إعطاؤها للطفل كلما أزعج والديه بمطالبتهم بحقه الطفولي والإنساني في مبادلته اللعب ومتعة العبث البريء. وبذلك سيجد البديل عن "التعلق العاطفي" بجهاز يبعده عن إحساسه بطفولته، فضلا عن إحساسه بوالديه.