استفاق اللبنانيون صباح أمس على انفجار هز العاصمة بيروت معلنا عودة الاغتيالات السياسية باستهدافه وزير المالية السابق محمد شطح الذي يعمل مستشارا لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بطريقة أعادت إلى الأذهان عملية اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري، بالأداة والمكان نفسيهما. فعند التاسعة وال40 دقيقة صباح أمس، استهدفت سيارة مفخخة بنحو 50 كجم من المتفجرات، وعلى بعد مئات الأمتار من مكان اغتيال الحريري الأب، موكب شطح عندما كان في طريقه إلى منزل سعد الحريري للمشاركة في اجتماع لقوى 14 آذار المناهضة لنظام الأسد، والمعارضة بشدة لمشاركة حزب الله في المعارك السورية. وفيما أجمع الفرقاء اللبنانيون بمن فيهم "حزب الله" على التنديد بجريمة اغتيال شطح الذي غرد قبل ساعتين على تويتر منتقدا حزب الله ومحاولاته لتقويض الدولة بالأمن والسياسة الخارجية، وجه الحريري تهمة ضمنية إلى "حزب الله" الذي تتهمه المحكمة الدولية باغتيال الحريري الأب، وقال: المتهمون بالنسبة لنا، وحتى إشعار آخر، هم الذين يتهربون من وجه العدالة الدولية، ويرفضون المثول أمام المحكمة الدولية.. إنهم أنفسهم الذين يفتحون نوافذ الشر والفوضى على لبنان واللبنانيين، ويستدرجون الحرائق الإقليمية إلى البيت الوطني". ووسط تسجيل مواقف استنكار دولية وعربية في مقدمتها المملكة، أكد مصدر مسؤول أن المملكة تستنكر وبشدة العمل الإجرامي الجبان، وتجدد دعوتها إلى كافة الأطراف اللبنانية للاستماع إلى لغة العقل، وضرورة بسط سلطة الدولة وجيشها على الأراضي اللبنانية لإيقاف العبث بأمن لبنان واللبنانيين. طالت "ماكينة الاغتيال والتصفيات السياسية"، الوزير اللبناني محمد شطح، الذي يوصف بأنه "الساعد الأيمن" لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، والمُفكر السياسي لتيار الرابع عشر من آذار. حيث استفاقت بيروت فجر أمس على وقع انفجار سيارة مفخخة، ذهب ضحيته الوزير اللبناني السابق المعروف بأحد أهم الأصوات "السُنية" في لبنان، ومؤسس تحالف لبناني يُناهض سياسات نظام دمشق، وأعوانه في لبنان. ويبدو أن مسلسل تصفيات الخصوم السياسية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في لبنان، يسير وفق ما خُطط لها، وذلك حسبما كشفت عنه "الوطن" في سبتمبر الماضي، بناء على معلومات حصلت عليها من وثائق سرية كشفت عنها في حينها. وقالت الوثائق إن حزب الله يتجه بالتنسيق مع نظام دمشق وطهران إلى تصفية خصوم الأسد السياسيين، خصوصا فريق 14 آذار، الذي يعارض النظام السوري بصورة تامة. ويقف فريق 8 آذار الذي ينتمي إليه "حزب الله" في الطرف المقابل، وفق معادلة "الممانعة والمقاومة"، التي توفر لها كل من دمشق وطهران غطاء سياسيا وعسكريا وماليا. وصادق النائب اللبناني وعضو تيار المستقبل خالد الظاهر، إبان نشر "الوطن" تلك المعلومات، وأكد وجود أشخاص يعملون بتمويل من "حزب الله"، على تصفية خصوم نظام دمشق في لبنان. بدوره، اتهم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، حزب الله، وإن لم يُسمه، باغتيال مستشاره محمد شطح، في الانفجار. وقال إن من اغتالوا شطح، هم الذين اغتالوا من قبل والده رفيق الحريري، والذين يريدون اغتيال لبنان، و"تمريغ أنف الدولة بالذل والضعف والفراغ"، طبقا لتعبيره. وأضاف في بيان أصدره فور وقوع الجريمة "المتهمون بالنسبة لنا، وحتى إشعار آخر، هم الذين يتهربون من وجه العدالة الدولية، ويرفضون المثول أمام المحكمة الدولية. إنهم أنفسهم الذين يفتحون نوافذ الشر والفوضى على لبنان واللبنانيين، ويستدرجون الحرائق الإقليمية إلى البيت الوطني". من جانبه، قال النائب اللبناني وعضو تيار المستقبل هادي حبيش في تصريحات إلى "الوطن" أمس، إن عملية الاغتيال، تأتي في إطار مخطط، لن تستثني كل من يقف من اللبنانيين بوجه حملة السلاح غير الشرعي، وقال: "المخطط قد يطال كل من لا يؤمن بشرعية السلاح بغير يد الدولة"، في إشارات مبطنة إلى حزب الله. وتجاوز حبيش أكثر من ذلك، حين قال: "كل شخصيات تيار الرابع عشر من آذار، ومن يؤمنون بحصرية السلاح فقط بيد الدولة مستهدفة من الفريق الآخر الذي لا يجد مشكلة في ذلك السلاح". وتابع: "هل من المعقول أن نتهم داعش، أو جبهة النصرة على سبيل المثال باغتيال الوزير شطح؟ من اغتال الشرفاء في لبنان وشهداء ثورة الأرز هم من اغتالوا الوزير شطح". وكان الوزير شطح، قد قال في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قبيل اغتياله بساعتين "حزب الله يهول ويضغط كي يصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عاما، وهو تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمان والسياسة الخارجية". في سياقٍ متصل، حذرت سفارة خادم الحرمين الشريفين في بيروت المواطنين السعوديين من السفر إلى لبنان، نظراً لتردي الأوضاع الأمنية هناك. وحثت السفارة في بيان أصدرته أمس مواطنيها الموجودين حالياً في لبنان بالعودة إلى أرض الوطن، حرصاً على سلامتهم.