لربما لم يكن يدور في خلد جاكوب زوما، أنه سيصبح في أحد الأيام رئيساً يحكم شعب واحدة من أكبر دول القارة السمراء. فالرجل وإن كان من سلالة محاربي الزولو العظماء، إلا أنه ولد لأم كانت تعمل خادمة في المنازل، وأب شرطي، قتل وهو لا يزال طفلاً صغيراً. وبدون شك، فقد تجرع مرارة الفقر والقهر، حيث اضطرته الظروف للعمل وهو صبي صغير طباخاً وخادماً في المنازل. عندما كان مراهقاً، بدأ الطموح الجارف يسير أحلام هذا الفتى، فانضم إلى صفوف حزب المؤتمر الوطني، ثم ما لبث وأن قبض عليه، فأودع السجن لعشر سنوات في جزيرة "روبن"، لمشاركته في الكفاح ضد نظام الفصل العنصري. تسلق صفوف حزب المؤتمر الوطني الافريقي، وفي نهاية المطاف اصبح نائباً للرئيس، لكنه أقيل في عام 2005 وسط اتهامات بالاحتيال والفساد. وبعد عام من ذلك وجهت له تهمة اغتصاب امرأة (31 عاما)، في ذلك الوقت لم يتم إدانته، لكنه وجد صعوبة في التخلص من اتهامات أخرى بالابتزاز وغسل الأموال وإبرام صفقات أسلحة غير شرعية يعود تاريخها إلى عام 1999. إلا أنه وقبيل أسابيع قليلة من انتخابات المؤتمر الوطني الأفريقي في عام 2007، تم التهوين من التهم الموجهة إليه، وقيل إنها ذات دوافع سياسية، ثم ما لبث أن ظفر برئاسة الحزب، كما انتزع القيادة من سلفه ثابو مبيكي. وعلى الرغم من كل ما يحيط برئيس جنوب أفريقيا الجديد من إشاعات ومزاعم بالفساد المالي واغتصاب النساء، إلا أنه يظل الشخصية السياسية الأكثر قدرة على استقطاب مشاعر السكان المحليين، سواء بالسماح بتصويره وهو يرتدي لباس قبائل الزولو التقليدي المصنوع من جلود الفهود، أو حتى أثناء غنائه الأغنية الوطنية المناهضة لنظام الفصل العنصري الشهيرة "أعطني رشاشي"، في المسيرات والمهرجانات الخطابية. ففتى الزولو الأصيل هذا، المولود في عام 1942 في ضاحية زولولاند الفقيرة، اعتاد اللعب على وتر العصبية والقبيلة، وتجييش المواطنين ودغدغة مشاعر الولاء لديهم.