وصف وزير التضامن الاجتماعي المصري القيادي في جبهة الإنقاذ الدكتور أحمد البرعي، جماعة "الإخوان المسلمين" بأنها "جماعة إرهابية"، معلنا رفضه التام للمصالحة معها، ومهددا ب"الاستقالة من الحكومة والنزول إلى الشارع للتظاهر ضدها إذ عقدت أي مصالحة مع تلك الجماعة". وأعلن البرعي عن تأييده التام لترشح وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لمنصب رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن للسيسي رؤية ثاقبة حول الأوضاع في مصر، وهو ما يؤهله لتولي هذه المهمة الصعبة، موكداً أن الدولة قطعت شوطا مهماً في المرحلة الانتقالية، بنجاح كبير حتى الآن، لافتاً إلى أن الدستور الجديد في شكله النهائي محترم ومشرف. واعتبر أن قرار التصويت سيكون له أثر حاسم على مستقبل مصر. وثمن البرعي دور المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وموقفه من أزمة مصر بعد ثورة 30 يونيو ودعمه الكبير لمصر والمصريين مالياً وسياسياً ومعنوياً، مشيراً إلى أنه لولا الموقف المشرف للمملكة لواجهت مصر عزلة دولية سياسيا واقتصاديا وحصاراً كان سيفرض عليها عنوة، إلا أن بيان خادم الحرمين وجهود المملكة أجهضا كل تلك المؤامرات. كلام البرعي الذي حلت وزارته جماعة "الإخوان" وتتولى مراقبة ومتابعة أداء الجمعيات الأهلية وسياساتها، جاء في حوار شامل أجرته معه "الوطن" هنا نصه: بداية إلى أين تتجه الأمور في مصر في ظل استمرار وتصاعد حالة العنف؟ أنا متفائل للغاية لمستقبل مصر، وأرى أن هناك مستقبلا مشرقا ومشرفا بانتظار المصريين، بمجرد الانتهاء من خارطة الطريق وتنفيذها، لتستعيد مصر هيبتها وقوتها وثقلها على الصعيد الدولي. فبعد ثلاثة سنوات من الاضطرابات أؤكد أن الشعب المصري سينعم بحياة أفضل، لأن أي حاكم وأي حكومة قادمة ستضع في اعتبارها أنها مراقبة من المصريين، أي من الشعب نفسه، فمصر بدأت تضع قدميها على الطريق الديموقراطي ولدينا الإمكانات الاقتصادية الكبيرة ولكن نحن في حاجة إلى استغلالها جيداً لتعود بالنفع على الشعب. أياد ملوثة كثيرون كانوا يعولون على جهود تحقق مصالحة وطنية تنهي حالة الاحتقان السائدة، إلا أن ذلك لم يحدث، لماذا؟ أنا شخصياً أرفض التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين، لأن أياديهم ملوثة بدماء المصريين، ولو حدثت مصالحة مع الإخوان سأتقدم باستقالتي فوراً وأرجع إلى الشارع لأتظاهر ضد الحكومة. وقبل الحديث عن المصالحة مع تلك الجماعة فهناك شروط لا بد من تنفيذها أولاً للاستماع إليهم وليس المصالحة، أهم تلك الشروط: الاعتذار للشعب المصري عن تصرفاتهم وسقوط قتلى وضحايا في عهدهم، والاعتراف بخارطة الطريق وبثورة المصريين الذين ثاروا عليهم. كما يجب على الإخوان أيضاً الاعتراف بأنهم استخدموا الدين في غير موضعه، وأنهم ليسوا أكثر تديناً، لأن المصريين من أكثر شعوب الأرض تديناً، كما أن تديننا وسطي وهذا هو الدين الإسلامي، وتكوين حزب جديد لهم إذا أرادوا العودة للحياة السياسية لأن حزبهم أسس على أساس ديني ولا يصلح أن يستمر. قانون التظاهر كثر الحديث خلال الفترة الأخيرة عن قانون التظاهر، لماذا أصرت الحكومة على تمرير هذا القانون رغم وجود مواد كافية في قانون العقوبات لمعالجة كل ما قد يطرأ؟ أنا أعتبر أن التوقيت الذي تم فيه إصدار قانون حق تنظيم التظاهر كان مهماً للغاية، وقامت الحكومة بإقراره والدفع به بعد أن تجاوزت المظاهرات حدود المقبول، فالقانون لا يقيد الحريات كما يدعي البعض، ولكن لا مانع من تعديل بعض بنود القانون في إطار المقبول والمعقول. فالقانون ليس قرآناً كي لا يتم تغييره أو تعديله، كما أن القانون تمت مناقشته جيداً داخل مجلس الوزراء، ونظرنا لملاحظات قُدمت من المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأخذنا ببعضها ولم نأخذ ببعضها الآخر، وأنا ضد من يقول إن قانون التظاهر من أجل الإخوان فقط ولكن القانون كان بغرض تنظيم التظاهر السلمي. ألا تخشون أن يتسبب إصراركم على هذا القانون في التفاف بعض الكيانات الثورية حول ما يسمى ب"التحالف الوطني لدعم الشرعية" على غرار ما بدأ يحدث أخيراً؟ لا بالعكس فكما قلت من الممكن تعديل بعض بنود القانون، أما الخوف من التفاف بعض الكيانات الثورية حول ما يسمى بتحالف دعم الشرعية، فهذا لا يمكن أن يحدث؛ فالإخوان حاولوا كثيراً في هذه النقطة، ولكنهم فشلوا بسبب المواقف الوطنية لبعض القوى الثورية الشريفة التي تحب البلد وتخاف عليها، فنحن في الحكومة نتواصل باستمرار مع شباب الثورة المخلصين وتعرفنا على وجهات نظرهم ولا مانع من تعديل أي من بنود قانون التظاهر. قبول شعبي تمسك مرسي ب"الشرعية" ورفض الانصياع لمطالب الجماهير حتى خرجت عليه في 30 يونيو، وتتمسكون حالياً ب"القانون" وترفضون إلغاء قانون التظاهر، ألا تخشون من تكرار السيناريو مرة أخرى؟ قانون التظاهر لاقى قبولاً شعبياً وقوبل بارتياح بين المواطنين لأنه حد كثيراً من أعمال العنف الناجمة عن تظاهرات الإخوان، وقلنا إنه من الممكن تعديل بعض بنوده، وهناك القلة ممن يستغلون إقرار القانون لتهييج الرأي العام ضد الحكومة ولكنهم يفشلون. عنق الزجاجة مصر على مشارف الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير، هل ترون أن مطالب الثورة قد تحققت؟ أم أن الصواب في ما يقوله البعض من أن مصر خسرت بعد الثورة أضعاف ما كسبته؟ نسعى جميعنا جاهدين إلى تحقيق أهداف الثورة ومنها ما تحقق بالفعل، ولكن الشعب يعيش حالة من التخبط منذ 3 سنوات، فهناك وزارت تعمل بشكل جيد للغاية ولكن المشكلات الموروثة كثيرة جداً، ومصر تحتاج ما بين 3 أو 4 سنوات لتخرج من عنق الزجاجة، وأستطيع أن أقول إن الحكومة الحالية محظوظة بسبب الدعم العربي، ووقوف دول عربية معنا إلى جانب الشركات والمستثمرين. ولادة جديدة لم يكد المواطن المصري البسيط يكمل فرحته بسقوط مبارك ويحلم بحياة جديدة حتى أطبق عليهم كابوس الإخوان، وما لبثوا يتنفسون الصعداء بعد ذهابهم حتى فوجئوا باستمرار المشكلات والعنف من جديد، أما من وسيلة لتحقيق أحلام هذا المواطن في حياة كريمة؟ بالفعل هذا كلام حقيقي وآن الأوان أن يعيش هذا الشعب حياة كريمة لأنه عانى وتعب كثيراً، على مدار السنوات الماضية، فبعد حكم مبارك وما به من سيئات جاء الإخوان وحاولوا الاستيلاء على كل المقدرات الاقتصادية وتغيير الحياة الثقافية، ومارسوا إقصاء شديدا لكافة المصريين غير المنتمين للإخوان، وكثيراً ما سببوا الضيق لرجال أعمال كي يحلوا محلهم، إلا أن الفرصة مواتية الآن ليحقق الشعب أحلامه وطموحه في أن يلقى حياة كريمة وحرية كاملة ودخلا يكفيه، وهو ما تقوم الحكومة الحالية بتنفيذه على أرض الواقع، وهو ما سيتحقق في القريب العاجل بأيدي المصريين أنفسهم من خلال تصويتهم على الدستور والانتهاء من كافة مراحل خارطة الطريق، ووقتها سنقول إن مصر ولدت من جديد. بين السيسي وصباحي حالة من الجدل يشهدها الشارع المصري فيما يتعلق بموقف الفريق السيسي من الترشح لانتخابات الرئاسة، ما رأيكم في هذا؟ أنا شخصياً أؤيد تماماً ترشح الفريق السيسي لانتخابات رئاسة الجمهورية، بل وسأطلب منه أن أكون عضواً ضمن فريقه الرئاسي، لأن السيسي لديه رؤية تؤهله لقيادة مصر في الفترة المقبلة. وهل بالفعل رشحت "جبهة الإنقاذ" حمدين صباحي لرئاسة الجمهورية؟ لم يحدث أن رشحت الجبهة أحداً لانتخابات رئاسة الجمهورية في الوقت الحالي، كما أن من يقول إن جبهة الإنقاذ في سبيلها إلى الحل، فهو واهم فالجبهة ستكمل عملها ومهتمها إلى أن تتحقق كل أهداف خارطة الطريق. كما أنني أحذر كل القوى الليبرالية والثورية من الوقوع في نفس أخطاء الماضي، بالتنافس مع بعضهم ضد بعض مثلما حدث في الانتخابات الرئاسية الماضية بالجولة الأولى، كما أنهم لو استطاعوا توحيد مرشحهم فمن المرجح بشكل كبير أن يفوز من الدور الأول، أما لو تفتتت الأصوات فالعودة إلى مرحلة الاستقطاب ستكون واردة في الدور الثاني. مراقبة سرية ما موقف وزارتكم وهي وزارة التضامن الاجتماعي والشؤون الاجتماعية، من الجمعيات الأهلية القائمة حالياً والتابعة للإخوان؟ نراقبها بشدة وبسرية تامة ولكن ليس لدي الحق أن أفصح عن تلك الجمعيات علناً، ولكن هناك إجراءات نتبعها لمراقبة تلك المخالفات، ولن أتردد في إصدار قرار حل أي جمعية سواء كانت تابعة للجماعة أو غير تابعة لها، وفعلت هذا فوراً ضد جمعية بالزيتون بعد ثبوت استخدام الأطفال في مظاهرات الإخوان ورفعهم صورا للرئيس المعزول محمد مرسي. حل "الإخوان" لماذا تأخرت عن إصدار قرار بحل جمعية الإخوان رغم اتباعك كل الإجراءات القانونية؟ أؤكد أن تأخري في قرار الحل كان للمصلحة العامة، ولو كنت اتخذت القرار قبل حكم القضاء، كان الهجوم سيكون أكثر مما كان الهجوم على التأخير، وكان قرار الحل سيكون قابلا للطعن، كما أن آثار الحل سيكون لها ترتيبات تلغي القرار، فالحكومة شكلت لجنة بناء على الحكم الذي صدر من محكمة الأمور المستعجلة، لإدارة أموال الجماعة لحين صدور حكم نهائي من مجلس الدولة، مما سيمكننا فيما بعد من مصادرة أموال الجماعة الحقيقية، ومنها أموال في البنوك وعقارات ومقرات الحزب والجماعة، والجمعيات الأهلية التابعة لها. كما أن هذه اللجنة مشكلة من 6 وزارات وعدد من الأجهزة الأمنية، تعمل الآن على حصر جميع أموال الجماعة، كما أن هذا الحكم أعطانا غطاء قانونيا لحصر أموال الجماعة التي لم نكن قادرين على حصرها. موقف المملكة كيف تقيمون موقف المملكة العربية السعودية من تأييدها لثورة 30 يونيو؟ موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لن تنساه مصر على مدار التاريخ ولن ينساه المصريون، ووقوف المملكة بجوار مصر حال دون فرض عزلة دولية سياسية واقتصادية محتملة عليها في أعقاب ثورة 30 يونيو، ليأتي قرار الملك عبد الله بدعمه مصر وشعبها ليزيح عن مصر مؤامرة كبيرة، وأنا أتوجه بالشكر للمملكة حكومة وشعباً، لموقفها العظيم وهو أمر ليس بغريب على ملك الإنسانية، وشكراً لكل من وقف بجوار مصر في محنتها.