أكد مجموعة من الخبراء على ضرورة أن تستجيب سياسات الهجرة لسوق العمل وأن يقتصر استقطاب الدول على ما يحتاجه السوق وذلك عبر قاعدة بيانات لمعرفة ما تريد الدول إحضاره من المهاجرين للعمل لكي لا يكون هناك فائض يؤثر على سوق، كما أشار الخبراء إلى أهمية سن قوانين تحكم عملية الهجرة بحيث تحفظ حقوق الدول والأفراد خاصة فيما يتعلق بالحقوق الإنسانية. كما أكدوا على أهمية تفاعل التكامل الاقتصادي العربي في الاستعانة بالكوادر العربية المؤهلة التي يحتاجها سوق العمل حتى لا تتسرب إلى دول غربية ويفقد العالم العربي هذه الكفاءات، وبينت التقارير التي أعدها الخبراء استحواذ الخليج على نصيب كبير من الحوالات التي ترسلها العمالة من بلد المقصد إلى بلد المنشأ، حيث وصلت تلك الحوالات إلى ما يعادل خمس الحوالات العالمية بنحو 80 مليار دولار سنوياً، تمثل أيضاً خمس الناتج المحلي الخليجي، جاء ذلك خلال ورشة العمل التي عقدها مؤتمر "فكر 12" تحت عنون سياسات تنظيم حراك العمالة في أسواق العمل، صباح أمس. وقال الممثل الإقليمي لمنطقة شمال أفريقيا في الاتحاد الدولي لجمعية الهلال الأحمر والصليب الأحمر الليبي مفتاح الطويلب إن الهجرة حراك إنساني عبر التاريخ وإن الناس تتحرك لظروف مختلفة بحثاً عن الأمن والغذاء أو نتيجة للكوارث الطبيعية مثل الحروب أو الظروف الاقتصادية، وهي التي تعتبر المحرك الرئيس في العصر الحديث، مشيراً إلى أنه زادت حركة الهجرة بشكل كبير، لتشير التقديرات إلى أن هناك نحو 240 مليون مهاجر عربي، مبيناً أن هذه الهجرة تشمل السفر بحثاً عن العمل أو النزوح أو اللجوء إلى خارج الدولة فراراً من الحرب، للموضوع علاقة مباشرة بإيجاد فرص عمل للشباب العربي، وتعتبر المنطقة العربية مقصداً للهجرة كونها في قلب العالم وقد تكون محطة للقادمين من الشرق باتجاه الغرب، والهجرة تمثل تحديا اقتصاديا للمنطقة المستفيدة. أما المتخصص في الهجرة الإقليمية ومجال الهجرة والتنمية في المكتب الإقليمي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط في المنظمة الدولية للهجرة الكندي مايكل نيوسن فقد أشار إلى أن الهجرة الدولية ظاهرة عابرة للدول، وليست محصورة على منطقة معينة، مبيناً أن الأزمة السورية تمثل تحديا للمجتمع الدولى حيث تؤثر على الدول المجاروة ليس فقط على مستوى العمل، ولكن حتى في مناحٍ أخرى، وقال إنه على سبيل المثال تضرر المصريون العاملون في مجال البناء في الأردن من توفر أعداد كبيرة من العمالة السورية في مجال البناء مما أدى إلى انخفاص تكلفة العمل في هذا المجال. وبين مايكل أن القرارات حول الهجرة تكون غالباً غير فعالة ما لم تعمل الدول المتجاورة على تطبيق القوانين والتعاون فيما بينها، فاتخاذ قرارات أحادية وتطبيقها من جانب واحد غير مجد، مشيراً إلى أن الاختلاف في الفرص الاقتصادية هو سبب ظاهرة الهجرة للعمل، وثلث الهجرة يكون بين الدول النامية. وكشف مايكل عن أن ضخ الحوالات المالية من قبل المهاجرين إلى دول المنشأ من الممكن أن يؤثر على التنمية في دول المقصد، وتعتمد طاجيكستان على 50% من اقتصادها على حوالات العاملين في الخليج، وقال إن الحوالات التي تم ضخها من المصريين المهاجرين إلى مصر بعد أزمتها المالية، بلغت 18 مليارا تمكنت من المساهمة في التخفيف عن تلك الأزمة، مبيناً أنه من دول الخليج يتم ضخ 80 مليارا أي خمس عملية الحوالات في العالم، وبهذا تخرج كمية كبيرة من الاقتصاد المحلي لخارج هذه الدول مما يشكل 5% من إنتاجها المحلي. وبين مايكل أن هناك تحديا أساسيا للحفاظ على المهارات في دول المنشأ، وقال إن دول الخليج هي وجهة أساسية تستقبل المهارات، وهذا يشكل نوعا من التضخم يؤثر على فرص العمل ويحد من الرواتب والأجور عند وجود التنافسية، مشيراً إلى أنه يجب أن تستجيب سياسات الهجرة لسوق العمل ويجب أن تستقطب ما يحتاجه السوق، وذلك عبر قاعدة بيانات لمعرفة ما تريد الدول إحضاره من المهاجرين للعمل؛ لكي لا يكون هناك فائض يؤثر على سوق العمل، وأوضح أنه يجب على الدول وضع قوانين لمنع الفساد واستغلال العمالة، ويجب أن لا ترتكز هذه القرارات على أفراد؛ حيث تغيب الشفافية، وأن حضور العمال الأجانب للبلد لا يشبه إحضار السلع فهم يأتون بثقافتهم ويجب قبولهم في المجتمع، وكشف عن أن التجربة اليابانية دليل على عدم قبول المجتمع للغريب حيث استعانت بالمهاجرين منها إلى البرازيل لعدم تقبل المجتمع للعاملين الغرباء رغم حاجة سوق العمل لديها لكم كبير من الأيدي العاملة. وشدد مدير برنامج الشراكات في العمل الإنساني في أوكسفا اللبناني هيثم منقارة على أن هناك تأثيرا كبيرا للأزمات على حراك الهجرة، الأزمة السورية توثر بشكل كبير على البلدان المجاروة، وأن الدول المانجة للمساعدات بدأت تطالب بتخفيض رقم المساعدات التي تقدمه للسوريين اللاجئين والنازحيين والذي وصل إلى 6 مليار دولا، مشيراً إلى أنه في لبنان يحصل الفرد السوري على 27 دولار شهرياً وهي لا تكفي لتكاليف الطعام، وأنه لابد من التعامل مع الازمة السورية بشكل خلاق والتعامل مع الفئة العاملة بشكل ايجابي. وقال منقار إنه ينتج عن هذه الأزمة السورية هجرة الأدمغة وخسارة الكفاءات المحلية نحو الغرب والنقمة بين اللاجئين على البلد المضيف، وكذلك تكون هناك مواجهة سلبية مع الحاجة من خلال عمل الأطفال والاتجاه نحو الأعمال غير الشرعية. وأشار إلى أنه يجب أن يتم التأسيس لشراكات بين مؤسسات المجتمع المدني والحكومات لتقديم حلول تتناسب مع واقع الأزمة، والعمل على استدرار التمويل اللازم لمشاريع تنموية مستدامة، ودراسة الأزمة السورية وتداعياتها المستقبلية بشكل معمق.