أثارت الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة المصرية أمس، على قانون التظاهر الذي أصدره الرئيس المصري الموقت المستشار عدلي منصور، مطلع الأسبوع الحالي المخاوف من تطور تلك الأحداث بين الحكومة والقوى الثورية، التي لعبت دورا بارزا في تأييد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، في الثالث من يوليو الماضي. فعلى الصعيد الرسمي، أمر النائب العام المستشار هشام بركات، بالتحقيق في أحداث التظاهر التي نظمتها الكثير من تلك القوى، وعلى رأسها حركة 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين أمام مجلس الشورى دون إخطار السلطات المختصة، وسط اتهامات موجهة للقوى السياسية بقطع الطريق وتعطيل مصالح المواطنين والتعدي على أحد ضباط الشرطة وسرقته بالإكراه، فيما أمرت نيابة قصر النيل بحبس 24 متظاهرا لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق على خلفية هذه الأحداث، فضلا عن إصدار النيابة قرار ضبط وإحضار بحق مؤسس حركة 6 أبريل أحمد ماهر، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح. وكان رئيس الوزراء حازم الببلاوي، قد أكد أن حكومته لن تسمح بخرق قانون التظاهر في ظل الفترة التاريخية التي تعيشها مصر. وأضاف في مؤتمر صحفي عقده أمس "مصر تمر بمنعطف تاريخي بعد ثورة 30 يونيو، وتعد من اللحظات المهمة في تاريخ الوطن، ولا بد من استكمال التشريعات اللازمة لضبط الأمن في الشارع"، مشيرا إلى أن "التظاهر حق والقانون جاء لتنظيم هذا الحق، وللمجتمع أيضا حق في العيش في أمان وسلام، وعلى الحكومة تنظيم هذا الحق المشروع، ومن هنا فإن الدولة لن تسمح بعدم الالتزام بقانون التظاهر الذي تم إقراره مؤخرا". كما قال المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية الدكتور مصطفى حجازي، "البعض يريد العيش على ثنائية شرطة أمام ثائر، والثورة أعمق من هذه المواجهة، وسينشأ تغيير في سلوك الطرفين سواء كانوا متظاهرين أو رجال أمن، وعلينا الارتقاء بفعل الثورة من الاحتجاج إلى المسؤولية". وأضاف في تصريحات إعلامية أنه لا يمكن اختزال فكرة الاستبداد في مواد دستورية محل خلاف، وتابع "اختزال الثورة في الفعل الاحتجاجي تقليل لقيمة للثورة، وهو ما سبق أن عبرت عنه قبل أن أتولى منصبي الحالي، حيث تقع مسؤولية الحفاظ على الثورة وإعلاء المصلحة الوطنية على الجميع، وعلى رأس هؤلاء الشباب الذين تم احتجازهم. وعلينا إدراك أن الاستبداد ممارسة يمكن أن تجمع السلطة ومن يحتجون عليها"، على حد تعبيره. بدوره، قال اللواء علي عبدالمولى، ممثل وزارة الداخلية في لجنة الخمسين "ما حدث من إلقاء القبض على المتظاهرين أمام مجلس الشورى هو تنفيذ للقانون، وعلينا أن نختار بين أن نكون دولة أو لا دولة". في المقابل، حذر عضو الهيئة العليا للمصريين الأحرار شريف نادي، من أن يمهد تصاعد حدة المشهد السياسي في مصر إلى ظهور "الموجة الثالثة" من الثورة المصرية، وقال "فشل الحكومة في تلبية مطالب المواطنين، والوصول إلى حالة التوافق المجتمعي بين أطيافه المختلفة هو الذي أوصلنا إلى هذا الاحتقان الذي ظهر في صورة اشتباكات خلال تظاهرات مجلس الشورى، وأحذر من أن الموجة الثالثة للثورة قادمة لا محالة". كما أكد نائب مدير المكتب الإعلامي لحركة شباب 6 أبريل محمد كمال، أن شباب الثورة لن يصمتوا أمام محاولات إهدار المكتسبات، وقال "الحركة والقوى الثورية لن تتراجع عن رفض اعتقال النشطاء". بدوره، اعتذر رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بمصر المستشار هشام جنينة، عن قبول منصب رئيس وزراء مفوض بصلاحيات الرئيس المعزول محمد مرسي لحل الأزمة الحالية بمصر، وفق مبادرة أعلنها الدكتور محمد الجوادي المقرب من "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، وقال "أشكر ثقة من رشحني لرئاسة الوزراء لحل الأزمة بمصر، غير أن الأمر لم يخطر على ذهني، ولا أريد الانغماس في المسألة السياسية بمصر، لاعتبارات كثيرة، أنأى بنفسي أن أخوض فيها". إلى ذلك، قضت محكمة بمدينة الإسكندرية أمس بالسجن 11 عاماً وشهر واحد بحق 14 امرأة بعد إدانتهن بمخالفات خلال مظاهرة مؤيدة لرئيس المعزول محمد مرسي الشهر الماضي. وقال مصدر قضائي إن المحكمة أدانت المحكوم عليهن أيضاً بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، التي أمرت محكمة في القاهرة بحظر أنشطتها في سبتمبر الماضي. وأضاف أن المحكمة أحالت 7 قاصرات شاركن في المظاهرة إلى محكمة الطفل، وأمرت بإيداعهن بإحدى دور الرعاية على ذمة المحاكمة. كما عاقبت غيابيا 4 من قيادات الجماعة بالحبس 15 عاما لإدانتهم بتحريض المحكوم عليهن، بينهم القيادي بالجماعة مدحت الحداد.