(أنا أفكر إذاً أنا موجود)، وردت تلك العبارة على لسان الفيلسوف الفرنسي صاحب نظرية الشك المنهجي. ديكارت الذي أعطى الشك دورا كبيرا في الحكم على عقلية الإنسان وتصرفاته. ولعل هذا الشك الذي أطلق عليه ديكارت (الشك المنظم) هو الذي ولد لدى الإنسان الغربي حب البحث والاطلاع والتمعن الذي لم يقتصر فقط على اعتناق فلسفة معينة بل تعداه إلى كل نواحي الحياة والذي ساهم بشكل فعال في الوصول إلى درجات علمية متقدمة وصناعات متطورة. قد يختلف معي الكثير في التركيز على فلسفتي ديكارت ثم سارتر مؤسس "الوجودية" قد أدتا إلى تشتيت الإنسان وضياع فكره الروحي المرتبط بخالقه، فتحول إلى جعل عقله هو المسيطر الذي سخره لخدمة حريته غير المقيدة في انفلات مدمر لأخلاقه وقيمه السامية. حقا نحن ندرك أثر ذلك، ولهذا كان سببا في الارتقاء بالفكر وشغله بما هو مفيد نرى نتائجه في وقتنا الحاضر والتي تفصل تلك المجتمعات عن المجتمعات الأخرى التي ترزح تحت وطأة الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والتي هي العامل الرئيسي لمفهوم الرقي الحضاري والتي نحاول بشتى الطرق بلوغه والوصول إليه. وإذا صوبنا تفكيرنا نحو واقعنا الذي نعيشه وحاولنا رصد مفهوم الارتقاء بالتفكير وشغله بما هو مفيد لوجدنا أننا بعيدون عن هذا، وذلك ناتج من بيئة واقعنا والتي يحكمها التراكم القبلي الذي يؤصل العادات والتقاليد ويرى أنها هي الوسيلة الوحيدة نحو الارتقاء بعقلية الفرد، فيغذيها ويذكيها بقوة لديه ويجعلها محور تفكيره في حماس منقطع النظير، وإنها هي روح التنافس الذي يجب الانتصار فيه!