لقد اطلعت على مشروع "مارس ون" الذي يهدف لتنظيم رحلات لكوكب المريخ لأجل إقامة مستعمرة بشرية هناك، وما أثار تفكيري في هذا الشأن هو أن طائفة من الناس تقدموا لهذا المشروع؛ طمعا في أن يكونوا في يوم من الأيام يسرحون ويمرحون على كوكب جديد مختلف عن كوكب الأرض الذي اعتادوا على طقسه وتضاريسه وحياته. إنها رحلة حتى وإن بدت من الناحية النظرية ممكنة إلا أنها تظل من الناحية التطبيقية مرهقة ومعقدة وغير مضمونة النتائج. فالمريخ يبعد عنا تقريبا بمسافة تتراوح ما بين 56 مليون كيلومتر و102 مليون كيلومتر، ثم إن ظروفه المناخية مختلفة، درجة حرارته وضغطه الجوي وما إلى ذلك، وأيضا قوة جاذبيته ونسب غازاته وأنواعها، وهذه الظروف وغيرها إذا ما قارناها بالظروف الأرضية نستنتج أن تكيف ابن آدم معها ومصارعته للبقاء بين الحياة والموت يصبحان على المحك. إنه أمر في غاية الصعوبة لكن لا بأس لنفترض أن الرحلة حالفها النجاح، وأن البشر حطوا رحالهم- بعد مشيئة الله- على كوكب المريخ، ترى كيف ستكون الحياة الجديدة هناك؟! وهل ستنتقل المشاكل التي يعاني منها سكان كوكبنا مع من يغادرون؟ إن انتقلت هذه المشاكل فلا جدوى من الذهاب والمخاطرة. ومن أبرز ما يجدر منعه من الوصول لمستعمرات الناس الحديثة بأي طريقة كانت كل فكر متطرف يقود إلى التباغض والتدابر وإقصاء الآخر، ويدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، فهذا الفكر هو الذي يشعل الفتن والحروب والقتل والدمار. أيضا تكون الأسلحة بكافة أنواعها محظورة على كوكب المريخ، وكذلك الصناعات والأجهزة التي لوثت كوكبنا وجعلته يمتلئ بمختلف الغازات السامة التي أضرت بصحة الكائنات الحية، وأحدثت خللا في توازن الحياة، فالاحتباس الحراري، وتطرف المناخ بحدوث أعاصير مدمرة، وفيضانات مهلكة، يقابلها شح أمطار في مناطق عدة، كلها من فعل البشر. إذاً، يجب أن تكون الحياة على الكوكب الأحمر سالمة من كل ما أحدثه الإنسان هنا، يجب أن تكون أكثر رقيا، لا يغلب فيها القوي الضعيف، فيجعله أسيرا لرغباته ونزواته الشريرة. ختاما نقول: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن..