عشية إحياء الفلسطينيين للذكرى التاسعة لوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، أعلن معهد الفيزياء الإشعاعية في لوزان السويسرية، أن نسب البولونيوم التي عثر عليها في رفات عرفات "تشير إلى تورط طرف آخر". وقال مدير المعهد البروفيسور فرنسوا بوشو، خلال مؤتمر صحفي في لوزان أمس، "إن الخبراء الذين أجروا التحاليل عثروا على نسب تصل إلى عشرين مرة أعلى مما اعتادوا قياسه". وتابع: "لا يمكن القول إن البولونيوم كان سبب وفاة عرفات، لكن لا يمكن استبعاد ذلك"، مؤكدا أن "نتائجنا تدعم منطقيا فرضية التسمم". وأضاف "هذا يشير إلى ضلوع طرف آخر". وكان فريق خبراء بينهم خبراء في معهد الفيزياء الإشعاعية بمستشفى جامعة لوزان، فتح قبر عرفات بمدينة رام الله بالضفة الغربية في نوفمبر 2012 وأخذوا عينات من رفاته بحثا عن أدلة على التسمم. وتوفى عرفات عن 75 عاما في 11 نوفمبر 2004 في مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب باريس، بعد أن نقل إليه في نهاية أكتوبر على إثر معاناته من آلام في الأمعاء من دون حرارة في مقره العام برام الله، حيث كان يعيش محاصرا من الجيش الإسرائيلي منذ ديسمبر 2001. تحقيق فرنسي وتزامن إعلان نتائج المعهد السويسري مع إعلان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس، أن تحقيقا قضائيا يجرى في وفاة عرفات. وأضاف في تصريح لتلفزيون "آي. تيلي: "هناك إشاعة انتشرت فترة طويلة.. هناك تحقيق قضائي وسوف أشير إلى ذلك". اغتيال سياسي وقالت سهى عرفات، التي تسلمت تقرير المعهد السويسري وممثلي السلطة الفلسطينية يوم الثلاثاء: "نحن نكشف جريمة حقيقية.. اغتيالا سياسيا". لجنة تحقيق دولية وفي الأراضي المحتلة، غطت نتائج التقرير أمس على الجهود المكثفة التي بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لإنقاذ المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية والتي اضطرته لتمديد زيارته للمنطقة يوما واحدا. وستعقد لجنة التحقيق الفلسطينية في قضية استشهاد الرئيس عرفات اليوم، مؤتمرا حول النتائج التي توصل إليها الخبراء السويسريون والفرنسيون والروس بعد فحص عينات من رفاة الشهيد عرفات، وإن كان مسؤول فلسطيني كبير أكد ل"الوطن" أن التقرير السويسري كان الأكثر جزما بوفاة عرفات مسموما. ورجحت مصادر فلسطينية ل"الوطن" أن تتم الدعوة لتشكيل لجنة تحقيق دولية في ظروف استشهاد عرفات على غرار اللجنة التي تشكلت إثر استشهاد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. الدور الإسرائيلي وقال مسؤول فلسطيني ل"الوطن": "إن مادة البولونيوم غير موجودة إلا لدى الدول، ولا يمكن شراؤها من أي مصدر وعليه فإن الدولة الوحيدة التي لها مصلحة برحيل عرفات هي إسرائيل التي ألمح وصرح مسؤولون فيها بضرورة التخلص من الرئيس عرفات قبل أشهر من إصابته بعوارض غير طبيعية أدت إلى استشهاده". وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف في بيان: "الشهيد ياسر عرفات ذهب ضحية اغتيال وإرهاب دولة منظم، وهي إسرائيل التي كانت معنية بالتخلص منه. والآن وصول النتائج إلى أن البولونيوم هو الذي قتل الرئيس ياسر عرفات هذا عمل إرهاب دولة منظم، وبالتالي لا بد من متابعة هذه المسألة". وكان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين قد طالب العام الماضي بتحقيق دولي في وفاة عرفات حين كشفت الجزيرة ومقرها قطر لأول مرة عن وجود بولونيوم على ملابس الرئيس الراحل. الحقيقة كاملة بدوره، أعلن نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، أن "الرئيس محمود عباس يتابع باهتمام وعن كثب عمل لجنة التحقيق الوطنية المكلفة بالتحقيق بظروف استشهاد الرئيس ياسر عرفات". وقال: "لقد أعطى الرئيس عباس توجيهاته لجهات الاختصاص لمتابعة التحقيق والكشف عن وقائع وحيثيات استشهاد الزعيم أبو عمار، ووضع الحقيقة كاملة أمام الشعب الفلسطيني والعالم أجمع". من جانبه، أعلن رئيس لجنة التحقيق في وفاة عرفات اللواء توفيق الطيراوي، أن اللجنة ستعقد اليوم مؤتمرا صحفيا تعلن فيه عن نتائج التحقيق والخطوات التالية. حماس والمتورطون ودعت حركة (حماس) إلى إجراء تحقيق عاجل في ملابسات استشهاد الرئيس عرفات، وقال مصدر مسؤول في الحركة: "تعقيباً على ما كشفه علماء سويسريون من وجود بولونيوم مشع في رفات الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات؛ ممّا يعزّز أنّه مات مقتولاً بالسم، فإنَّنا في حركة حماس نجدّد تأكيدنا على أنَّ الاحتلال هو المسؤول المباشر عن اغتيال الرئيس عرفات، ونحمّله المسؤولية الكاملة عن وفاته". وأضاف: "ندعو إلى إجراء تحقيق عاجل في ملابساتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاكمة المتورّطين في هذه الجريمة النكراء". إسرائيل تنفي لكن إسرائيل سارعت إلى نفي الوقوف خلف استشهاد الرئيس عرفات بل وشككت في نتائج التحقيق الطبي السويسري. وأكد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، رعنان غيسين، أن شارون أعطى أوامر بعدم قتل عرفات. وقال: "أمر أرييل شارون بالقيام بكل شيء لتجنب قتل عرفات الذي كان محاصرا في عام 2002 في المقاطعة على يد جنودنا". وأضاف أن "تعليمات شارون كانت بأخذ كافة الاحتياطات اللازمة حتى لا يتم اتهام إسرائيل بقتل عرفات". وتابع "إن هذا هو السبب وراء سماح شارون بإجلاء عرفات إلى مستشفى في فرنسا عندما أثبت أنه كان يحتضر".