أكد الأستاذ فيصل بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن المجتمع المحلي بدأ يلمس نتائج وثمار الجهود التي يبذلها المركز في مجال الحوار، وترسيخ ثقافة الرأي والرأي الآخر. الراجح: آراء المشاركين أثرت الحوار ومسؤوليتهم الوطنية كانت حاضرة في مداخلاتهم وأوضح أن الخبرة التي أصبح يملكها المركز من خلال التجارب التي مر فيها منذ تأسيسه وحتى الآن أهلته لأن يكون قادراً على تحويل الآراء والأفكار التي يطرحها المشاركون في فعاليات اللقاءات الوطنية إلى برامج لها مردودها على أرض الواقع. وبيّن أن مركز الملك عبدالعزيز سيستمر في طرح القضايا الفكرية، وانه سيطرح خلال الفترة المقبلة العديد من المواضيع الفكرية على طاولة النقاش والحوار لإيمان المركز أن الحوار هو الوسيلة الأفضل والبيئة الصحية لتجاوز الاختلاف. واختتم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أمس الأربعاء فعاليات اللقاء الوطني للحوار الفكري حول قضايا الخطاب الثقافي السعودي، الذي نظمه تحت عنوان «الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي»، وبدأ فعالياته مساء أمس الأول في الرياض، بمشاركة 70 من المفكرين والعلماء والمثقفين والمثقفات السعوديات. وتناولت مشاركات المتحدثين والمتحدثات في اليوم الثاني من اللقاء موضوع العولمة والمجتمع السعودي في الخطاب الثقافي، بالإضافة إلى مستقبل الخطاب الثقافي. وأكد نائب رئيس اللجنة الرئاسية بالمركز الدكتور راشد الراجح الشريف، في افتتاح الجلسة الثالثة أن الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وولي عهده الأمين، وسمو النائب الثاني تدعم نشر ثقافة الحوار وتعميقها في المجتمع. وأشاد بمداخلات المشاركين في فعاليات اليوم الأول من اللقاء، والتي أسهمت في إثراء المواضيع المعروضة للنقاش، مستشعرين مسئوليتهم الثقافية والوطنية. وقال في افتتاح الجلسة التي أدارها وخصصت لمناقشة العولمة والمجتمع السعودي في الخطاب الثقافي السعودي أن العولمة أصبحت ظاهرة عالمية، وأن مجتمعنا له خصوصيته التي يحرص عليها ضمن ثوابته الوطنية، وهي العقيدة الإسلامية، والوحدة الوطنية، والمرجعية السياسية للبلاد. وعلى الرغم من تنوع المشاركات والآراء التي تضمنتها مداخلات الحضور، غير أن أغلب الآراء انحصرت في جانبين الأول الذي يرى أن العولمة أصبحت واقعاً ويجب الاستفادة منه، فيما يرى الطرف الآخر أن العولمة الثقافية تعني هيمنة الثقافة الغربية على منجزاتنا الثقافية. وأوضح فيصل العوامي أن سبب تباين الآراء عند طرح موضوع العولمة والاختلاف حولها في خطابنا الثقافي يعكس مدى اللبس لدى المثقفين في مفهوم العولمة. وترى الدكتورة منيرة القاسم أنه لا يمكن الحديث عن الخطاب الثقافي السعودي بمعزل عن العولمة والمتغيرات التي أحدثتها في العالم، وانه يجب أن ندرك أننا لا نعيش بمعزل عن العالم، ولذلك فإنه من الضروري الحفاظ على الهوية الثقافية والتمسك بها في ظل تلك المتغيرات. وتحدثت نورة الشارخ عن العولمة في مفهومها البسيط، قائلة إنها بهذا المفهوم قديمة قدم الزمن، بسبب التعاملات التجارية وانتقال الأفراد من مجتمع إلى آخر، وأنها ليست ظاهرة جديدة على مجتمعنا المحلي، ولكن الجديد هو الآليات الحديثة للعولمة. من جهتها أوضحت وفاء العمر أنه في ظل ثورة الاتصالات والتقدم التكونولوجي الذي يملكه الآخر فإن تأثير الخطاب الثقافي المحلي ضعيف وحضوره محدود، وأن عولمة الثقافة أصبحت تعني السيطرة الثقافية. من جهته أكد الدكتور عيسى الغيث أن السلطة السياسية لا تمانع في تقبل الرأي الآخر بل تقدر الرأي والرأي الآخر وقال في مداخلته في الجلسة الأخيرة: مشكلتنا حسب وجهة نظري تكمن في سلطة الجماهير الذين يؤثرون في خطابنا بأن يدفعونا للسكوت والتوقف عن المبادرة وأيضا تكمن مشكلتنا في فوبيا العولمة والتغريب والمواطنة عند بعض المبالغين بالأمية ، وطالب الغيث بأخذ الوسطية والاعتدال في كل مناحي الحياة فهي الطريق السليم لترسم مستقبل مشرق للخطاب الثقافي السعودي . جانب من اللقاء فيما ركزت ريم الباني على دور الأسرة في تشكيل هوية الخطاب الثقافي وفي الحفاظ على الهوية ومواجهة العولمة وقالت إن ما يراد للأسرة المسلمة هو استخراجها من كينونتها وسلخها من ثقافتها التي تنطلق من قيم راسخة لإحداث نوع من الاختلال في توازن المجتمع لذلك لابد من التشديد على أهمية دور الأسرة القيادي لمواجهة رياح العولمة والتغريب العاتية لنستطيع الحفاظ على هويتنا وبالتالي تشكيل خطاب ثقافي مبني على هذا الأساس. وتناول الدكتور علي الخشيبان الوضع الراهن في الخطاب الثقافي السعودي عند تناول موضوع العولمة، والهواجس التي تثار عند الحديث عن هذا الموضوع، ويرى أن الفرصة لا زالت قائمه لإدارة علاقة الخطاب الثقافي السعودي بمهنية واحترافية، وأن العولمة تعني الشراكة مع العالم، فإما أن يكون الخطاب الثقافي السعودي شريكاً مؤثراً أو أنه سيخسر هذه الشراكة. من جهتها أكدت الدكتورة دلال الحربي أن العولمة ليست شارعاً باتجاه واحد، وأن المجتمع المحلي لديه فرصة جيدة لطرح ثقافته وهويته على العالم، والاستفادة من مظاهر العولمة. فيما تناولت الجلسة الرابعة للقاء التي ترأسها فيصل بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، موضوع مستقبل الخطاب الثقافي السعودي، وقضايا «الخصوصية، والمواطنة، والعولمة، وما الذي ينبغي أن يتجه إليه الخطاب الثقافي السعودي في القضايا الثلاث السابقة، مستشرفاً مستقبل المجتمع في تلك المجالات. وأوضح طارق المبارك في مداخلته أن الانترنت أصبح يهدد مستقبل الخطاب الثقافي ودور المثقف، وان الانترنت أصبح يساهم في تشكيل وعي النشء، وأنهم يجدون فيه فرصة لطرح أفكارهم بكل حرية وبعيداً عن سلطة النخب الثقافية. من جهته طالب هزاع العبدلي بالانفتاح على المنجزات الإنسانية والاستفادة من تجارب الآخرين مادامت لا تتعارض مع ثوابت وقيم المجتمع الثقافية والدينية، والانخراط الواعي في عصر العلم والتقنية. كما طالب من جانبه محمد المشوح بإعداد مدونة توضح ما الذي يجب أن يكون عليه الخطاب الثقافي السعودي، مبيناً في الوقت ذاته أن وسائل الإعلام تمارس حالياً دوراً مبتوراً في صياغة الخطاب الثقافي. وفي نهاية الجلسة الختامية استعرض الدكتور فهد بن سلطان السلطان نائب الأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني التقرير الختامي للقاء الوطني الثاني للحوار الفكري «الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي السعودي» والذي اكد على ثراء المداخلات من المشاركين والمشاركات بأطروحاتهم الفكرية وبمناقشاتهم الهادفة مشيرا الى ان جلسات اللقاء أوضحت التقاء أطياف هذا الخطاب حول المعالم الأساسية التي يتطلبها التلاحم الوطني، وأن الاختلافات تمثل تنوعا ثرياً ومفيداً يصب في المصالح المشتركة لهذا الوطن وقال الدكتور السلطان انه وشعوراً من المشاركين بحيوية هذه القضايا في المجتمع السعودي عموماً والمشهد الثقافي على وجه الخصوص تأثراً وتأثيراً، وحيث أن هنالك قضايا للخطاب الثقافي السعودي لا تقل أهمية وتأثيراً من القضايا التي طرحت في اللقاء السابق وهذا اللقاء يرى المشاركون والمشاركات في هذا اللقاء، انطلاقا من مسؤوليتهم تجاه الوطن والمجتمع وتثميناً للدور الحيوي الذي يقوم به مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في هذا المجال، استمرار عقد اللقاءات الحوارية في موضوع الخطاب الثقافي بحيث تتناول اللقاءات القادمة قضايا من مثل: الخطاب الثقافي السعودي والعلاقة بالحضارات، والثقافات الأخرى وكذلك الخطاب الثقافي السعودي والعلاقة بالمذاهب الإسلامية والخطاب الثقافي السعودي وبناء المشروع الوطني والخطاب الثقافي السعودي وقضية التجديد والخطاب الثقافي السعودي ومشكلة العنصرية المناطقية والقبلية ونحوها على أن يراعي المركز اتخاذ آليات متنوعة لتفعيل الحوار حول هذه القضايا بما في ذلك إقامة ورش عمل، وندوات للعصف الذهني، وأساليب تضمن المشاركة لفئات مجتمعية وثقافية مختلفة، وقد حصر البيان الختامي أبرز النقاط التي دارت في هذا اللقاء وقد أكد المشاركون على أن يكون الحوار الوطني مُتَّسِعاً لتنوعات الخطاب الثقافي لِتُعبِّرَ فئاته، وتياراته عن وجهاتها، ومشروعاتها الفكرية في إطار الشريعة الإسلامية، والمصالح العليا لهذا الوطن، وأن يكون مركز الملك عبدالعزيز محضنا لهذه التنوعات، وراعيا لها. كما تباينت الآراء ووجهات النظر حول مفهوم الخصوصية مع التأكيد بأن خصوصية المجتمع السعودي لا تعني بأي حال الانغلاق عن الآخرين، أو التعالي عليهم مع التأكيد على تعزيز الهوية الوطنية المرتكزة على ثوابت الإسلام مع الانفتاح الواثق على العالم انفتاحا إيجابيا يستثمر الصالح ويدعمه، ويتوقى الضار ويسهم في دفعه. كما اكد على اهمية دعوة جميع المثقفين والفاعلين في الساحة الثقافية إلى العمل على تعزيز مفاهيم المواطنة في مجتمعنا السعودي والتركيز على إنتاج تطبيقات عملية لتأصيل وترسيخ المواطنة قيمة وسلوكاً واشار الى أن العولمة بصفتها حالة تاريخية يعيشها العالم اليوم بمعطياتها الكثيرة تتضمن تحديات لنا، ولسائر العالم، وتفتح في المقابل فرصا؛ وذلك يقضي بأن يكون لمجتمعنا السعودي بإمكاناته دورٌ في الاستجابة لتحدياتها، وانتهازِ فُرَصِها للصالح الوطني، والإسلامي، والإنساني، ولنشر رسالة المملكة التي تعبر عن وسطية الإسلام واعتداله وتسامحه.