أكد رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية"، الزميل سلمان الدوسري، أنه لا بد من إعادة صياغة العلاقة القضائية بين "لجنة المخالفات الصحفية" ومؤسسات المجتمع والأفراد، مشددا على ضرورة جعل تلك اللجنة مستقلة تماما عن وزارة الثقافة والإعلام، حتى تؤدي دورها المنوط بها، مما يسهم بشكل مباشر في حرية الإعلام. وأوضح خلال حديثه أول من أمس، في "ملتقى أمطار" بالرياض، في ندوة بعنوان "الرقابة على الصحف السعودية.. "الاقتصادية" مثالا"، أن الصحف السعودية تعيش فترة ازدهار في الحريات الصحافية مقارنة بسنوات مضت، مضيفا "غير أن هذا السقف ليس طموحنا وإنما نسعى لرفعه شيئا فشيئا". ولم ينكر رئيس تحرير الاقتصادية وجود خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها في سياسة النشر المتبعة في الصحف السعودية، موضحا "أن هذه الخطوط واضحة ولا التباس فيها، وهي محصورة في عدم التعرض للملك، وولي العهد، وأمن ووحدة الوطن، وكل ما يثير الفتنة الطائفية أو المناطقية أو العنصرية". وشرح الدوسري طريقة تعامل الصحف مع كتّاب الرأي ونشر مقالاتهم، التي تتم وفق سياسة كل صحيفة، مبينا "أنه ليس كل ملاحظة على المقالات هي ملاحظات رقابية، بل قد تكون في كثير من الأحيان ملاحظات فنية أو حتى مهنية، إلا أن بعض الكتّاب يعتقدون أن مقص الرقيب هو من منع مقالاتهم"، وأضاف "أمام مجموعة من كتّاب الصحيفة أقول إنه من النادر أن يتم رفض مقال أو عدم نشره إلا وفق أسباب واضحة تشرح للكاتب ذاته". وزاد الدوسري: "لكن كل ما وصلت إليه الصحافة، قد يتعرض للانتكاس طالما لا توجد وسيلة للتقاضي إلا "لجنة المخالفات الصحفية" التابعة لوزارة الإعلام، وهي محسوبة على وزارة الإعلام، وليس من المنطق وفي هذا التوقيت أن تظل تابعة لها، ففي غالبية دول العالم تكون اللجنة لجنة قضائية مستقلة تحكم بين الصحف والأفراد والمؤسسات"، مشددا أن اللجنة بوضعها الحالي "تسيء لوزارة الإعلام وكل قراراتها تعد حكومية، ومن صالح الحكومة السعودية والإعلام أن تكون منفصلة ومستقلة؛ حتى تكون القرارات الصادرة منها أكثر مصداقية". ويقول سلمان الدوسري: "إن المادة 24 من نظام المطبوعات تنص على أنه ليس هناك رقابة على المطبوعات، وأن هذه المسؤوليات والمعايير المسؤول عنها الأول هو الصحفي والكاتب ورئيس التحرير" موضحا هذه المعايير "وهي النزاهة والصدق والموضوعية والاستقلالية والعدالة، ولكن في نهاية الأمر رئيس التحرير هو من يستطيع أن يرفع من سقف الحرية أو يخفضه، وكذلك بإمكانه أن يكون محافظا بشكل كبير أو حتى يكسر السقف على الجميع". وتابع الدوسري: "لا توجد رقابة سابقة على الصحف السعودية، ولكن هناك رقابة لاحقة وهي على حسب المادة 45 من نفس النظام، وتنص على أن وزارة الثقافة والإعلام وهي الجهة المنوط بها متابعة تنفيذ هذا لنظام ومساءلة من يخالفه". وعن كيفية وجود رقابة على الصحف قال: "أولا سأتحدث لدينا في "الاقتصادية" ليس هناك مشكلة في الرقابة من ناحية الأخبار أوالتقارير التي يتم إعدادها، ولكن المشكلة الأساسية في مقالات الكتاب لدينا، وهي ما نعاني منها ولدينا معارك معهم. فبالنسبة للتقارير والتحقيقات أعتقد أن صحافتنا أصبح واقعها أفضل وبمراحل عن السابق، إذ ارتفع السقف كثيرا، ونحن نعيش في عصر مختلف، فقبل سنوات كان لا يمكن لنا أن ننتقد مدير عام أو حتى وكيلا، ونحن نسعى بألا نصل إليها". ونفى رئيس تحرير "الاقتصادية"، أن تكون هناك توجيهات حكومية "اكتب أو لا تكتب" مضيفا: "لكن ليس من الحصافة أن يزور الرئيس المصري السابق محمد مرسي السعودية، ومن ثم أكتب مقالا أهاجم فيه الإخوان المسلمين، أو أن يزور السعودية الرئيس الإيراني، ومن ثم نقوم بانتقاده وهو على أراضينا، رغم كل الاختلافات التي بيننا وبينه"، حسب تعبيره. وردا على سؤال حول الطريقة التي يرفع من خلالها رئيس التحرير سقف الحرية أو يخفضها قال: "أعتقد أن الكاتب وكل متمكن بمهنية عالية في عالم الصحافة والإعلام يستطيع التطرق لكل ما يريد من القضايا، من دون أن يثير أي حساسية، بل إن رئيس التحرير لا يستطيع أن يقول، إن هناك ملاحظات على هذا المقال مهما كان سقفه مرتفعا، ولكن العكس صحيح، هناك بعض المقالات التي لا تصل للسقف الأعلى، ولكنها تحتوي على عبارات وألفاظ تسيء لبعض الجهات وهو بالتالي ما يمنع نشرها". وعدّ الدوسري أن الصحافة السعودية تعيش يوما بعد يوم حريات مرتفعة، وتتزايد هذه الحريات، بل إنها تخلصت إلى حد ما من كثير من القيود الاجتماعية والسياسية حتى أصبحت إلى حد ما تمارس سلطة شعبية على الوزارات وعلى مؤسسات المجتمع من خلال النقد الجريء والحاد في بعض الأحيان، معدا أن كل هذا معرض للتراجع طالما لم يتم التعاطي بشكل عملي مع استقلالية لجنة المخالفات الصحافية". وفي مداخلة لأسامة كردي، عن رأي سلمان الدوسري بجمعية "رأي"، التي تضم عددا من الكتّّاب السعوديين وتم إقرارها أخيرا قال، إنه يتمنى أن يكون مستقبلها أفضل من مستقبل هيئة الصحفيين. واستوقف الكاتب فهد القاسم في مسألة أخرى تطرح بعبارة "المعلن عاوز كذا"، خاصة إذا كان هناك انتقادات لأحد المعلنين في الصحيفة. الدوسري رد متحديا أي كاتب في الاقتصادية يقول إنه طلب ممن في "الاقتصادية" بعدم الكتابة عن المعلن أيا كان، أو الكتابة في موضوع معين، "ومن المستحيل أن يتم تكميم الأفواه بهذه الصورة"أ وبين أنه إذا كان هناك تجاوزات بعدم وجود الدليل، فيتم إبلاغ الكاتب بعدم وجود أدلة على ما كتبه، مستشهدا بأن كاتبا كتب مقالا في الصحيفة مس قضية تخص أحد المعلنين الكبار، واحتوت مقالته على معلومات خاطئة، ومع ذلك اكتفت الشركة المعلنة بنشر ردها، وكان بإمكانها رفع قضية ضد "الاقتصادية".