سيدة سعودية، ترتدي قميص الطب وسط الحجاج، تركض ما بين "منى" و"مزدلفة" و"عرفات"، تعاين الحجيج برحمة "الأم"، وشفقة "الأخت"، همها أن يكون كل ما يقدم لضيوف الرحمن من تغذية، صحيا ونافعا، وخاليا من أي ملوثات، تراقب ممرضي وممرضات مستشفيات المشاعر المقدسة، وكأنها تقول لهم: الرأفة الرأفة ب"الضيوف". أمٌّ، تركت أطفالها لخدمة الدين، ثم الوطن، وضيوف الرحمن، أمٌّ ليست عادية، بل أمٌّ في مرتبة "وكيل وزارة"، بل أول وكيل وزارة على مستوى وزارة الصحة، والمشرفة على المختبرات والتمريض والتغذية بالحج الدكتورة "منيرة العصيمي". "العصيمي"، أو أم مشاري -كما تحب أن تكنى- ذات جهد لاحظه الجميع وهو ما ظهرت به أمس حيث لباقة "المتحدث"، وحكمة "المسؤول" وجرأة "الواثق" لدى تحدثها إلى جمع من الصحفيين، في مؤتمر صحفي عقدته عن التغذية في الحج. منيرة العصيمي هي السيدة القيادية الوحيدة بين الرجال -قياديي وزارة الصحة -العاملين في الحج، ورغم ذلك فهي قائدة لا تهدأ، تراقب، وتتجول، وتوجه، تعزز موظفيها المتميزين، وتنظر بعين "العقاب" لكل مقصر. منيرة بنت حمدان العصيمي، من مواليد عام 1964، حاصلة على بكالوريس علوم التمريض من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وماجستير إدارة التمريض من جامعة الملك سعود بالرياض، وعملت: "ممرضة بمستشفى أرامكو" و"المستشفى الجامعي بجدة"، ثم "ممرضة صحة مجتمع بجدة"، ف"رئيسة قسم صحة مجتمع مراكز الرعاية الصحية الأولية"، و"منسقة نشاطات التثقيف الصحي وبرامج الإسعافات الأولية" بين الجمعيات النسائية الخيرية ومدارس التمريض والطب الوقائي بوزارة الصحة، ثم "منسقة معهد التمريض بصحة جدة" قبل أن تصبح "عضو شرف" و"استشاري بمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق البحر المتوسط". مثلت منيرة العصيمي المملكة في اجتماعات التمريض الخليجية، وكلفت ك"منسقة برنامج التعليم عن بعد"، و"مديرة للتدريب والأبحاث التمريضية"، و"نائبة لمدير مركز الأبحاث والدراسات والتدريب بمستشفى الملك فهد بجدة"، ثم "مديرة لمعهد التنمية العربي (القسم النسائي)"، و"رئيسة للجنة المقابلة الشخصية لتوطين الوظائف الصحية بالمنطقة الغربية"، ومثلت المملكة في اجتماع لجنة التمريض الاستشارية الثاني بالقاهرة، وتعتبر أول ممرضة سعودية للتعاقد للتمريض على مستوى المملكة، قبل أن تعين "منسقاً وطنياً لمنظمة الصحة العالمية، ومجلس التمريض العالمي ووزارة الصحة بالمملكة لبرنامج "القيادة للتغيير"، ثم مديراً عاماً للإدارة العامة للتمريض بوزارة الصحة. وفي شهر أبريل من العام الماضي، أصدر وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة قراراً يقضي بتعيين منيرة العصيمي وكيلاً مساعداً لشؤون الخدمات الطبية المساعدة في وزارة الصحة. أسهمت منيرة في تأليف أول كتاب عن التمريض في المملكة بعنوان "التمريض في المملكة"، ثم ألفت كتاباً آخر تحت عنوان "التمريض في المملكة.. مسيرة وإنجاز"، وكتاب "الممرضة الأولى"، وعرفت برفضها لأن يشغل موظف أجنبي في "الصحة" وظيفة من حق سعودي أو سعودية، واصفة تعيينها بهذا "المقعد"، بأنه انتصار للمرأة السعودية، وأن السعوديات كفاءات سيشققن طريقهن نحو منصات القيادة متى ما أتيحت لهن الفرصة.