تحولت البرامج الرياضية على القنوات التلفزيونية، إلى ظاهرة إعلامية بعد أن وجدت أن لدى هذه الفئة من الضيوف معلومات كثيرة تساعدها على مناقشة مختلف القضايا، ولديها العديد من المصادر التي تجلب لها الأخبار. ويثير هؤلاء الضيوف من الإعلاميين القضايا الشائكة في الأندية والمنتخب حتى باتت هذه البرامج مسرحا قويا للأفكار والآراء بصورة أكثر إثارة من مجريات الأحداث في الملاعب. والتفتت إدارات القنوات إلى استقطاب رجال الصحافة والإعلام بعد أن رأت ضعف مستوى الكرة السعودية الذي كاد يؤدي إلى وجود برامج غير قوية. وفيما يطالب بعض الضيوف بمبالغ خيالية مقابل الحضور، يقبل بعضهم الآخر بالظهور في حالة الطوارئ بالمجان، مما أدى إلى صعوبة المحافظة على التميز. حب الظهور ويؤكد مدير تحرير برنامج "كورة" على قناة روتانا خليجية حسن الجهني أن الحكم على ضعف الضيوف مسألة نسبية تختلف من شخص لآخر، ومن الصعب التأكيد عليها لأن هناك من يحظى بثقة الإدارة وأغلبية الجماهير حتى لو واجه نقداً من البعض. ويقول: "في الغالب لا يرغب المشاهد في وسطنا الرياضي بالضيف الذي يتميز بالحيادية ويطالب بالآخر المتعصب الذي يطرح آراء حادة، ويتهم الأول بأنه لا يرقى لمستوى الظهور في البرنامج". ويضيف "نحن في "كورة" يهمنا أن يكون الضيف صاحب آراء لا تخرج عن المألوف ولا تسيء إلى الآخرين، ونضع خطا أحمر تحت من لا يحترم أحدا أو يسيء إليه". وعن انتشار ظهور الإعلاميين في البرامج، يقول: "كثير من الأشخاص منحوا أنفسهم صفة الإعلاميين، لكننا نركز على أولئك الذين يستحقون الظهور من ذوي الخبرات، وإن كانوا جددا ندعمهم خصوصا إذا كانوا يملكون الفكر الجيد والرأي السديد مثل فيصل الشوشان على سبيل المثال". ويستطرد الجهني قائلا: "بعض الإعلاميين يسعى لحب الظهور والحصول على مزيد من الشهرة ويطلب من إدارة البرنامج الوجود فيه، لكننا ننتقي من هو جدير بهذا الظهور ومن يستحق أن يكون ضيفا علينا من خلال أفكاره وآرائه". وعن المبالغ المرصودة للضيوف، يقول: "البعض يظهر دون مقابل والبعض الآخر يشترط مبلغا معينا، وبشكل عام يتراوح المبلغ بين 400 دولار - 600 دولار في الحلقة الواحدة". عدم التكرار ويؤكد رئيس تحرير برنامج "كورة" على روتانا خليجية سابقا عوض الصقور، على صعوبة استقطاب ضيوف في مستوى واحد بصورة مستمرة لأن البرامج الرياضية يحكمها عدم التكرار، وأولئك المميزون يوجدون في أكثر من برنامج في نفس اليوم، وبالتالي فإن فرصة الحصول على ضيف مميز في كل حلقة هو أمر نادر بسبب التنافس الموجود بين البرامج الرياضية. ويضيف: الضيوف أنفسهم لهم أيضا حسابات خاصة، فقد تكون القضية المطروحة للنقاش في البرنامج قوية، لكن الضيف يعمد إلى تهدئة النقاش خشية أن يخسر علاقته برئيس ناد أو عضو شرف. وهنا تسعى إدارة البرنامج إلى اتصال هاتفي بضيف آخر ليضيف حديثا مثيرا عليها أو يلجأ المقدم أو المذيع إلى حلول بديلة من خلال التدخل بأسئلته أو معلوماته، أو أننا نبحث عن ضيف مثير في الحلقة التالية يتابع نفس القضية بصورة قوية".ويبين الصقور أن إدارات بعض البرامج تلجأ إلى ضيوف يحضرون بالمجان نظير رغبتهم في الظهور. وتضطر إلى استضافتهم بسبب اعتذار الضيف الأساسي قبل بث الحلقة بساعة أو ساعتين مما يتسبب في حالة طوارئ. ويوضح أن الإعلاميين يوجودون كضيوف أكثر من غيرهم لأنهم يملكون القدرة على الحديث عن أي موضوع كونهم متابعين لكل الجوانب الرياضية ولديهم معلومات وافية، بينما الحكم أو المدرب أو اللاعب يتحدث في مجال معين ويرفض الحديث عن أي جوانب أخرى، كما أن الإعلامي يرفض أحيانا الحديث عن الجانب الفني، لكنه لا يمانع في إبداء وجهة نظره الشخصية. مستوى الكرة ويرجع رئيس تحرير برنامج "الخط الأحمر" يحي مساوى اعتماد البرامج الرياضية على الضيوف من الإعلاميين أكثر من المحللين والمتخصصين إلى "ضعف مستوى الكرة السعودية في الأندية والمنتخب". ويقول: "لا توجد جودة في مستوى الكرة تستحق أن يوجد المحلل خارج الأستديوهات التحليلية للمباريات، لذا يتم اللجوء إلى الإعلاميين لمواكبة بقية الأحداث الرياضية خاصة في الأيام التي لا توجد بها مواجهات كروية بين فرق الدوري. وهنا يناقش الإعلامي القضايا الهامة ويأتي بحلول لمعالجة المشاكل في الأندية والمنتخب، مما جعل البرامج تتحول إلى ظاهرة إعلامية قوية أكثر إثارة مما يحدث داخل الملعب". ويتابع: "عندما تدنى مستوى الكرة السعودية التفتت إدارات البرامج إلى الإعلاميين من ذوي الخبرة سواء من الذين يعملون في الميدان الصحفي منذ سنوات عدة أو المتابعين للدوري بقوة وممن يملكون قاعدة جماهيرية كبيرة. وبلغت النسبة الأكبر من المشاهدة للحلقات التي تستضيف إعلاميين أكثر من تلك التي تستضيف محللين فنيين". وحول آلية التعاقدات، قال مساوى: "في التجربة قبل الأخيرة بالنسبة إلى على قناة لاين سبورت كمدير تنفيذي، اعتمدنا على ضيوف بعقود شهرية كنقاد حصريين. وبعد أن انتقلت إلى برنامج الملف الأحمر على قناة روتانا خليجية كرئيس تحرير اتفقنا مع أسماء معروفة بعقود حصرية مع البرنامج خاصة في البرامج الأسبوعية. أما اليومية فالأسعار بينها متقاربة في كل القنوات ويتقاضى الضيف مكافأة مالية عن كل حلقة". وعن الصعوبات التي واجهها، يجب: "وجدنا أن بعض اللاعبين السابقين يطالبون بمبالغ خيالية مقابل حضورهم في البرنامج، أما الحاليون فيحضرون بالمجان نتيجة علاقات شخصية مع القائمين على البرنامج أو لاحترامهم للبرنامج". معايير الضيوف ويقول معد أحد البرامج الفضائية الشهيرة (رفض ذكر اسمه): "كل برنامج له معايير لاستخدام الضيوف، ليست مهنية فحسب، بل أيضا تلك التي تناسب القضية المطروحة للنقاش أو النادي الذي سيتم التحدث عن شؤونه؛ حيث يتم استضافة شخصية مهتمة به أو تنتمي إليه. أما إذا كانت القضية التي ستطرح في البرنامج استثمارية مثلا، فيكون الضيف حينئذ ممن له خبرة في هذا المجال كفراس التركي أو راشد الفوزان أو طارق الشامخ". ويتابع: "هناك معيار آخر يتمثل في المصالح، فربما يكون الضيف رئيس قسم رياضي في صحيفة ورقية أو إلكترونية يحتاجه القائمون على البرنامج لتلميعهم يوما ما". وحول انتشار الإعلاميين كضيوف للبرامج الرياضية، قال: "نستضيف الإعلاميين حسب الأحداث ومناسبتهم لها، وفي بعض الأحيان هم من يطلب الظهور، لكننا لا نلبي هذا الطلب إلا عند الحاجة أو المصلحة كما أسلفت. ويكون الاختيار في أحيان كثيرة حسب شعبية هذا الإعلامي في صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، لأن الاسم الذي يحظى بأكثر عدد من المتابعين سيؤدي إلى مشاهدة أكبر للبرنامج. وعندما يكون الحدث هو مباراة هامة فهناك الحكم والمحلل الفني واللاعب". وحول العقود والمكافآت، يجيب: "حددت جميع البرامج التلفزيونية هذا الموسم المبالغ التي تمنح للضيوف، فالنقاد الحصريون يحصلون على مكافأة شهرية تتراوح من 10 إلى 20 ألف ريال، والضيوف يحصلون على 1200 إلى 1500 ريال في الحلقة الواحدة". غياب المهنية ويعيد رئيس تحرير صحيفة "قووول" أون لاين الرياضية الإلكترونية خلف ملفي سبب انتشار الإعلاميين في البرامج الرياضية على "الفضائيات"، إلى امتلاكهم المعلومات والمصادر. ويقول: "رغم أن بعض الإعلاميين يتميزون بالمعلومات في كثير من المجالات الرياضية ومصادرها إلا أن الكثير يثير الفوضى في كل القضايا التي يتحدثون عنها. وللأسف فإن بعض البرامج تستقطبهم وهم يتعمدون "الشوشرة والقيل والقال" إما لسوء الانتقاء أو ضعف إدارات هذه البرامج. وهذا لا يعني أن هناك من البرامج التي تهتم بوجود ضيوف على مستوى راق وتستقطب المتخصصين من ذوي الخبرة أو الشباب المتجدد صاحب الفكر النير". ويضيف: "هناك من يحاول الظهور للحصول على الشهرة، لكن في النهاية هذه مسؤولية إدارة القناة أو البرنامج التي يجب أن تنتقي المتميزين فقط ممن يستحق الاحترام، والحمد لله هناك توجه في الفترة الأخيرة بتلقيص ظهور هؤلاء الإعلاميين الذين يثيرون الفوضى ويتعمدون الاستفزاز بطرح آراء مبتذلة لا ترقى أبدا إلى مستوى المهنية". ويؤكد ملفي أنه "على الرغم من أن قنوات لاين سبورت والسعودية أوقفت العديد من البرامج التي كانت تثير الوسط الرياضي بضيوفها إلا أنه ما زالت هناك البرامج التي تقدم إعلاميين هم أقل من مستوى الحدث ولا يقدمون الصورة الحقيقية للإعلام. ومن واجب هذه البرامج أن تأتي بالمختصين فهي مناطة بمسؤولية اختيار ضيوف جيدين خاصة في البرامج الأسبوعية على غرار البرنامج المتميز الذي يقدمه الزميل سلمان المطيويع (خط أحمر)، الذي يتسم ضيوفه بالمهنية العالية والرقي في الطرح أمثال عادل عصام الدين وسليمان الدويش وغيرهما". ويتابع: "بلا شك هناك خلل في بعض البرامج اليومية التي يسيء القائمون عليها بانتقاء الضيوف الذين تقل قيمتهم الأدبية عن مستوى القنوات التي يشاركون في برامجها. ويجب على هؤلاء الضيوف احترام مكانتهم وعدم البحث عن الشهرة والمال بل أن يحذوا حذو غيرهم ممن رفضوا الظهور في برامج معينة لمجرد الظهور والشهرة بجانب إعلاميين دون المستوى".