"الألواح الخشبية والعيلقية والدوار والشبرية والحصان الدوار والتدرية".. ألعاب تمثل نكهة العيد الماضي، التي لا تزال تحتفظ بذاكرتها، ليس فقط في عقول الكبار، بل امتدت وتعمقت في عقول وأفئدة الصغار، وأضحت هي نكهة العيد السعيد لدى أطفال العروس. لم تعد تلك الألعاب التقليدية القديمة محصورة في ساحات محددة عرفت بها ك"برحة العيدروس"، بل أضحت الأحياء الشعبية كالهنداوية – على سبيل المثال لا الحصر- ساحات أخرى ل"ألعاب زمان"، التي أخذت بألباب الأطفال، وكأنهم يستجلبون بفلسفة تاريخية، ولكن من نوع مختلف امتدادات ذلك التاريخ الماضي عبر "فرحة العيد". نكهة "الألعاب القديمة"، شكلت هي الأخرى طقساً لا يتخلى عنه أبناء العروس، على رغم أنهم لا يعرفون ماهية تاريخ تلك الألعاب، التي ربما يتجاوز عمر بعضها عقودا طويلة من الزمن، فالمسألة كما يشير إلى ذلك بعض المشرفين على تلك الألعاب وهو عمر القثمي في سياق حديثه إلى "الوطن"، لا ترتبط بمسألة نوعية الألعاب التي تدار يدوياً، بل بما تحمله من عبق التاريخ والماضي، حتى وإن لم يعرف الأطفال سياق ذلك من الناحية المعرفية، إلا أن القثمي تجده يركز في تفاصيل حديثه على أن فرحة الأطفال بتلك الألعاب بما لا يترك مجالاً للشك ترسخ معلومة، وهي أن هذه الألعاب كانت حاضرة في الأجيال القادمة والمتعاقبة، على حد سواء. حينما تمر بجانب ساحات "ألعاب زمان"، تستطيع منذ النظرة والاستماع الأوليين، أن ترسم ملامح تلك الضحكات العفوية والابتسامات البريئة الصادرة من الأطفال، حتى لتجد بعضهم يلعب ويردد الأهازيج القديمة التي تعطي نكهة على نكهة تلك الألعاب، وكأنهم يريدون أن يلعبوا مع تلك الألعاب بكل ما أوتوا من "فرحة وسرور"، وابتسامات وضحكات، وكأنك تستحضر أبياتا للشاعر حسين الهوان" الله ياحبّي لضحكات الأطفال ** وأعْشق شقاوتهم وحتّى بكاهم". "ما نبغي.. نبغي ألعاب زمان".. جملة تكاد تكون هي الجملة الرئيسية في ساحات تلك الألعاب، حيث يلجأ الآباء إلى محاولة فض اشتباك تعلق أبنائهم، لانتهاء مهلة اللعب، وحان موعد مغادرتهم، كحيلة من الآباء، بوعدهم بالذهاب إلى المدن الترفيهية، إلا أن إجابات أطفالهم لا تقبل المساومة البتة ولا حتى التفاوض أو التنازل، وكأنهم يقولون "قديمك.. نديمك". ويؤكد أحد المواطنين أن الأسعار الرمزية ل"ألعاب زمان"، ليست هي العامل الرئيسي لانجذاب الأطفال، وسحب البساط من المدن الترفيهية، وصالات الألعاب المكيفة بالمولات التجارية، بل لطبيعة هذه الألعاب التاريخية، التي يسترجع بها الأطفال مظاهر الفرح الماضي مع الأهازيج التي تمثل زخماً تاريخياً، مع عبارات يلتحمون معها تصفيقاً وترديداً مثل: "يا حلاوة العيد يا حلاوة طرزان طرزان أكل الرمان طرمبة طرمبة وشربنا الشوربة".