في الوقت الذي طغى فيه التهريج على كثير من أعمال الفنانين الخليجيين؛ كانت البساطة في التمثيل، وأداء الأدوار والشخصيات بعفوية ودون تكلف من سمات الفنان الخلوق يوسف الجراح الذي عرفه الجمهور خلال العقدين الماضيين في عدة أعمال فنية وشخصيات كوميدية. ومن أبرز هذه الشخصيات دور "العميد أسعد عمر قلي" الذي جسده الجراح في مسلسل "طاش ما طاش" بلهجته "الجداوية" التي أظهرت شخصية العميد "الجداوي" المتقاعد في قالب كوميدي جميل دون تهكم أو سخرية، إلى جانب شخصية "فؤاد" التي تكلف الفنان ناصر القصبي بأدائها كثيرا. وبلا شك أن أداء الفنانين لأدوار شخصيات مرتبطة بمناطق معينة، والتحدث بلهجاتها المحلية ليس أمرا ناجحا في كثير من الأحيان، وخاصة عندما يبالغ الفنان في التحدث بلهجة المنطقة التي لا ينتمي إليها، ويحاول أن يتصنع المواقف الكوميدية الضاحكة على حساب "لهجة" أهالي المنطقة. ومن هنا نستطيع أن نقول إن شخصية "أبو علي" التي جسدها وتقمصها الفنان ناصر القصبي، وأبدع فيها أظهرت شخصية "الشيخ الجنوبي" بمظهر قد لا يعجب الكثيرين من أبناء المنطقة، وكذلك شخصية "دنحي" التي ظهر من خلالها الفنان حسن عسيري، وهو من أبناء المنطقة بمظهر الشخص الذي لا يعي كثيرا مما يدور من حوله. هاتان الشخصيتان جاءتا بخلاف أدوار الفنان يوسف الجراح الذي قدم أدواره بقالب كوميدي فيه احترام للشخصية التي يؤديها، فلم يسئ لأي منطقة بتقمص شخصيات أبنائها، وهذا يحسب له عن غيره من الفنانين، فالعلاقة بين الفنان وجمهوره علاقة يجب أن يسودها الاحترام. وفي هذا العام ظهر الجراح على الشاشة من خلال مسلسل "كلام الناس2" وقد فقد جزءا كبيرا من وزنه بعد تعرضه للمرض، وإجراء عمليات جراحية تكللت بالنجاح. وعلى الرغم من الظروف الصحية التي مر بها إلا أنها لم تعقه، وكان وفيا لفنه ولجمهوره، فتحامل على نفسه، وسجل حضورا مميزا. وأخير يبقى الفنان الجراح نجم الكوميديا السعودية وصاحب قاعدة جماهيرية اكتسبها من خلال عدد من الأعمال الفنية التي لا تزال خالدة في ذاكرة المشاهد، كمسلسل "عائلة أبو رويشد"، و"طاش ما طاش"، والشخصيات الكوميدية التي لا يجيدها غيره.