قال الخطاط العماني صالح الشكيري "إن البداية الفعلية لخطاطي سلطنة عمان كانت عام 2006 وهي نقطة التحول لفن الخط العربي، وإن الخطاط العماني كان جنديا مجهولا يشتغل للعلماء والتاريخ والكتب العلمية". وأضاف الشكيري ل "الوطن" خلال مشاركته في (مهرجان صيف أرامكو 31) أنه يجهز لكتاب عن تجربة خطاطي عمان خلال 500 عام، وأن أقدم مخطوطة وجد فيها الحبر وجرة القلم والقصب عمرها 662 سنة، مفيدا أن مجموعة الخط العربي التي أسست 2006 بدأت بأنشطة ومسابقات وملتقيات للخطاطين في السلطنة، وتستعد لمهرجان خطي وفني في 23 نوفمبر بمناسبة مرور 40 سنة على تولي السلطان قابوس حكم البلاد. وعن تجربته ذكر الشكيري أنه أدخل الحرف العربي بلوحة تشكيلية لمواكبة الحداثة، فالحروف جميعها كتبت آلاف المرات على مدى التاريخ. ويستفيد الشكيري من الحرف كوحدة أساسية بشكله الطبيعي وبطريقة تكنولوجية مجردة، مستخدما جميع ما يمكن استخدامه من ألوان أو خامات "كالألوان النباتية، البترول، الملح، أصباغ السيارات، الصابون" حتى الكمبيوتر من حق الجميع استخدامه في الاستفادة من التطوير فيما يخدم العملية الفنية والخطية. الناقد العراقي نزار الراوي رأى أن أعمال الشكيري تراعي بإصرار ونَهم شيئاً من مقولات الانفتاح التقني على أساليب الإنتاج التكنولوجي للفن، باعتبارها مقولات أصبحت تشكل ركناً حيوياً من تاريخ الفن المعاصر. ويقول: نجد هذا النهم يبدو جلياً في استفادتة من برامجيات (الجرافيكس Graphics Programs) لإنتاج بعض العناصر التكوينية لأعماله التشكيلية، مراعياً خصوصية الأداء الرقمي ومزاياه التنفيذية التي وظفها في الأخير لصالح المتكون الإنشائي في أعماله. وأضاف الراوي أن أعمال الشكيري المنتمي بأحقية للجيل الثالث من التشكيليين العُمانين البارزين لا تدعي بأي حال الكونية والحقيقية، بل إنها تعمل غالباً لتأسيس منحىً جمالي تجريبي لإنتاج المنطق البصري للتكوينات الحروفية بالضد من المنحى اللفظي الذي يُعزز وجود الحرف العربي ضمن دائرة الثبات الشكلي والقياسي له، والأشكال والأفكار في هذه الأعمال وإن كانت حُروفية تماماً وأحياناً خطية تقريباً، لكنها لا تمتلك أيا من الصفات التعليمية أو التربوية المعتادة في تاريخ لوحات الخط العربي. وأشار الراوي إلى أن الفنان لا يعتلي هنا أيا من المنصات الأخلاقية التي تعودنا وقوف الخطاطين فوقها، بل هي ممارسة ذهنية وبصرية وانتخابات شكلية تشي بمعرفة تقنية وروحية للفنان بأسرار الحرف العربي من حيث واقعه الجمالي ومنطلقاته الفلسفية، مما يُوائم بين المعرفة الجمالية للحرف وإنتاج الفن المعاصر المغادر للترويجات المثالية والتوظيفات الأخلاقية والإرشادية. واختتم الرواي كلمته بأن تجربة الشكيري كالعديد من الظواهر الثقافية تُفسر في كثير من تفوقاتها وحتى في بعض إخفاقاتها بعضاً من التحولات النفسية والمعرفية والحضارية التي يتبناها المجتمع العُماني الذي يسعى لاقتراح معابر ومُقتربات وجودية تجسر لنا الهوة المخيفة بين الانتماء التأريخي والأخلاقي للموروث الثقافي وأقصى حالات التعايش مع مكتسبات المعارف ونتاجات الانفتاح.