في هذا الوقت من العام الذي تتأجج فيه شمس الصيف الحارقة في كبد السماء، وحين لا يكون أحدنا قادرا على تحمل حرارة الأجواء وغبرتها حتى مع وجودنا في المنازل وبين أحضان المكيفات التي تنتقل معنا حتى للسيارات والمكاتب والمحال التجارية وغيرها، تلجأ بعض الأسر إلى العيش في الخيام بعد أن باتوا غير قادرين على دفع الإيجار الذي يرتفع بارتفاع تكاليف المعيشة يوما بعد الآخر. ازداد عدد هذه الأسر التي أضحت تلجأ إلى نصب الخيام في بعض الأراضي البيضاء هربا من ارتفاع إيجارات الشقق السكنية، وحال الوصول إلى عدم القدرة على تسديدها. وكانت "الوطن" قد رصدت تضرر بعض الأسر التي تقطن خياما بأراض مقاربة لسوق الخضار الجديد بمدينة أبها، فيما رصدت أيضا معيشة بعض الأسر الأخرى في أماكن متفرقة من المدينة، ومن بينهم أسرة تقطن خيمة نصبتها بموقع سوق الخضار القديم بالقرب من مجمع أبها مول التجاري. وأوضح عضو جمعية حقوق الإنسان بمنطقة عسير الدكتور علي الشعبي ل"الوطن" أن ظاهرة لجوء الأسر التي يعجز أفرادها عن دفع الإيجار للسكن في الخيام أضحت مرصودة في مدينة أبها بشكل ملموس، وقد قام أعضاء الجمعية بالمنطقة بإجراء استطلاع وزيارة ميدانية لبعض هذه الأسر للاطلاع على أوضاعهم ومنهم من وضعهم المعيشي صعب مما اضطرهم لاتخاذ الخيام مسكنا لهم، والبعض الآخر وضعهم أقرب للتسول منه إلى الحاجة، ولكي يتم التأكد من هذه الظاهرة فهي تحتاج لدراسة موسعة لكل هذه الأسر وأسباب لجوئهم لهذا الحال. وبين الشعبي أن الجمعية خاطبت إمارة المنطقة بشأن هذه الظاهرة وتفاعلت الإمارة معها، إضافة لمخاطبة الضمان الاجتماعي بالمنطقة للوقوف على المشكلة ودراسة هذه الظاهرة ومتابعة الأسباب المؤدية لها. وقال الشعبي "لا شك أن وجود مثل هذه الظاهرة في مدينة كمدينة أبها وهي عاصمة المنطقة ينبئ بوجود قصور في أداء بعض المؤسسات والجهات التابعة للشؤون الاجتماعية وهي المعنية بهذا الأمر، لافتا إلى أنه لابد من الوقوف على سبب المشكلة وعلاجها عن طريق الجهة المعنية بحلها، فهنالك من الأسر من لديها مشكلة مع الضمان بإيقاف إعانتها وأخرى مع المؤجر. وقالت إحدى فتيات هذه الأسرة، شريفة مشبب القحطاني إنهم اضطروا للخروج من منزلهم المستأجر والكائن بحي الوردتين بأبها بسبب طلب المؤجر دفع الإيجار مقدما، وإيجار الشهر 835 ريالا، مبينة أن دخلهم الوحيد هو ما تحصل عليه والدتهم المطلقة، من الضمان الاجتماعي والبالغ 900 ريال، وتعيش هي وأخواتها الأربع وجميعهن مطلقات مع والدتهن في الخيمة ومع 10 من الأطفال الذين لم يتجاوز أكبرهم ال13 عاما. وأشارت القحطاني إلى أنهن يعشن على صدقات المحسنين مع أن لديهن خمسة من الإخوان الذكور الذين تخلوا عن القيام بأمورهن، وتقول "حاولنا بعد أن تم طردنا من منزلنا بسبب الإيجار أن نذهب لمنزل آخر أقل تكلفة إلا أن عدم وجود محرم معنا يجعل أصحاب الشقق يرفضون تأجير المساكن علينا، وقالت "استأذنا صاحب الأرض لنقطنها لحين تعدل أوضاعنا". وقالت إحدى أخواتها، إن السبب في طلاقهن أن والدهن زوجهن لكبار في السن فإحداهن تزوجت مسنا عمره 90 عاما وطلقها وهو في حالة خرف، وأخرى تزوجت رجلا يكبرها أيضا لكنه يتعاطى المخدرات فطلبت الطلاق منه، والأخريات طلقن بلا سبب سوى أن أزواجهن لم يكونوا موائمين لهن.