بين الحماس لاستحداث جوائز أدبية جديدة تتخصص في فن أدبي محدد ك "جائزة الأمير سعود بن عبدالمحسن للرواية السعودية" التي أطلقها نادي حائل الأدبي، والتحفظ على الأمر واعتبارها كافية حاليا على الأقل في مجال الرواية، تدور طروحات متعددة في الوسط الثقافي السعودي حول الجوائز الأدبية المتخصصة، خصوصا بعد الجدل الإعلامي والتساؤلات التي صاحبت الجائزة في مراحلها النهائية، إضافة إلى تأخر إعلان النتيجة إلى الأسبوع المنصرم، على الرغم من أن القائمة القصيرة أعلنت في أواخر يناير الماضي. ولعل أبرز التساؤلات الآن: هل نحن بحاجة إلى جوائز جديدة ومتخصصة ومستقلة في فن أدبي محدد مثل الرواية أو القصة؟ وما مصير مثل هذه الجوائز؟ هل ستستمر؟ أم ستتوقف عند مرحلة معينة كما حدث لجوائز أخرى؟ وهل ستكون محرضا لجهات أخرى على السير في ذات الاتجاه؟. تقول رئيسة لجنة تحكيم "جائزة الأمير سعود بن عبدالمحسن للرواية السعودية" الدكتورة لمياء باعشن: إن كنت تقصد أن نستحدث جائزة أخرى مماثلة لجائزة حائل، فأنا لا أحبذ، لكن لا بأس من جوائز في مجالات أدبية وإبداعية أخرى، أما الحالة الوحيدة التي تشفع لاستحداث جائزة للرواية، وهي الحالة المرغوبة والمطلوبة، فهي أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بتقديم تلك الجائزة وغيرها من الجوائز التكريمية والتشجيعية، فهي الجهة الأساسية المخولة بمتابعة الإبداعات وإعطائها القيمة المعنوية والمادية التي تضمن نضجها واستمرارها. لكن المتخصصة في فن السرد الدكتورة كوثر القاضي تعتبر وجود جائزة للرواية "إنجازا في حد ذاته" وتتمنى "ألا تكون بيضة الديك". وتؤكد القاضي أن بعض ما قيل عن جائزة حائل "كلام مبتذل" لا أؤيد تكراره، ففي كل الأحوال، فإن الجهة المنظمة للجائزة هي صاحبة الرأي الأخير. في حين تنظر الدكتورة باعشن لهذا الجدل على أنه أتى في سياق أن "قياس الإبداع وتميزه مسألة شائكة للغاية ولا يتفق عليها اثنان بشكل تطابقي". وتضيف "ذلك أن الحكم على جودة عمل روائي يرتكز على الخلفية المعرفية لكل ناقد وعلى تذوقه الخاص للجماليات وعلى مرجعياته الاجتماعية واهتماماته الحياتية، لذلك فإن فوز عمل ما في مسابقة لا يمكن أن يكون قطعياً ولا حاجباً لتميز أعمال أخرى من وجهات نظر أخرى. لذلك فإن عدم الاتفاق يثير زوابع وخلافات بين القراء والنقاد لأن كل منهم يدافع عن عمل ما ويستثني الآخر حسب تقييمه الشخصي، فاتفاق النقاد نادر جداً، ليس فقط في تقييم الأعمال المرشحة للجوائز، ولكن الأمر يبدو واضحاً أيضاً حين يأخذ أي عمل روائي مساحة جماهيرية وانتشارا واسعا، حينها تتعالى الأصوات التي تقلل من قيمة ذلك العمل وتبين مساوئه، أو تدافع عنه وتمتدح ميزاته". أما الأمين العام للجائزة عضو مجلس إدارة أدبي حائل عبدالله الحربي فيرى أن الأصداء التي حصدتها الجائزة "فاقت ما كان متوقعا من جائزة إبداعية في دورتها الأولى". وأضاف "أظن أننا كنا موفقين في طرحها في الوقت المناسب لذا نالت متابعة من كثيرين كانوا ينتظرون مثل هذه الجائزة". وعن التشكيك الذي طال الجائزة قال الحربي "نحن نحترم كل الآراء، ونتفهم قلق المشككين ونستمع للجميع بهدوء وما يبعث فينا هذه الطمأنينة والثقة هو التوفيق الذي حالفنا في اختيار لجنة التحكيم التي ارتكزت على التنوع ومثلت الجميع وشملت أهم الأسماء المحلية واسمين عربيين لافتين، فمن لديه لجنة تحكيم بهذه القوة والغنى والتنوع لا يقلق أبدا". وفي رده حول استمرارية الجائزة قال الحربي "الجائزة وجدت لتستمر، كل شي مهيأ لذلك". وفي رؤيتها للرواية الفائزة بالجائزة الأولى "ما تبقى من أوراق محمد الوطبان" لمحمد الرطيان تقول رئيسة لجنة التحكيم الدكتورة لمياء باعشن "الإبداع في المفهوم النقدي هو القدرة على اختلاق منهج أو طريقة لم يسبق لأحد أن طرقها من قبل، ورواية "ما تبقى من أوراق محمد الوطبان" فيها من الإبداع الشيء الكثير، بل هي تخترق العديد من التقاليد السردية وتتخذ من الإبهار والإدهاش منهجاً مغايراً، لذلك فهي رواية من طراز خاص". يذكر أن جائزة حائل ليست الجائزة المحلية الوحيدة التي تمنح في الرواية، فهناك فرع للرواية في جائزة أبها منذ قرابة 3 عقود، قدم خلالها عددا من المبدعين في الساحة المحلية نالوا هذه الجائزة.