كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف عصرا، حينما بدأ الظلام يلف أجواء العاصمة حتى بلغ ذروته مع توجه موجة غبار عنيفة قادمة باتجاه الشرق من الغرب، خلفت أجواء ليلية، اضطرت معها السلطات المحلية لإشعال إضاءة الشوارع، وهو ذات الإجراء الذي سلكه قائدو المركبات الذين استخدموا إنارة مركباتهم للقيادة بشكل سليم. وجاءت تحذيرات المديرية العامة للدفاع المدني متأخرة، إذ إنها سبقت هذه الموجة الغبارية العنيفة بدقائق قليلة، وزاد من سوء الأوضاع تزامن الموجة مع خروج الموظفين من أعمالهم. وتزامن مع موجة الغبار، هطول أمطار غزيرة لنحو ساعة، أغرقت شوارع العاصمة، وهي ثاني موجة أمطار تهطل على الرياض خلال ال24 ساعة الماضية، إذ سبقتها أمطار أخرى استمرت كذلك قرابة الساعة وهطلت مساء أول من أمس. وأعلن الدفاع المدني بمنطقة الرياض تلقيه 2834 بلاغا جراء أمطار الأمس. وقالت المديرية إنه بهذا العدد يرتفع عدد البلاغات التي تم مباشرتها منذ بدء "الظاهرة البيضاء" إلى 50 ألف بلاغ. ولم تصمد شوارع وطرقات وبعض أحياء العاصمة أمام موجتي الأمطار الأولي والثانية، غارقة في مياههما، وهو ما اضطرت على إثره الجهات المعنيّة لإغلاق بعض الطرق وتحويل مساراتها بعد أن تحولت إلى بحيرات مملوءة بالمياه وتكدست فيها السيارات. وناشد عدد من سكان العاصمة الجهات المعنيّة بالالتفات لمعاناتهم الموسميّة التي تتكرر منذ سنوات مع هطول الأمطار، لافتين إلى أن العاصمة حتى الآن لم تشهد أمطارا غزيرة كبعض مناطق المملكة، ولو حصل ذلك لانكشفت الكثير من المشاريع وغرقت الأحياء. وخلال جولة "الوطن" عقب الأمطار في عدد من الأحياء، رصدت عددا من الشوارع التي "تغوص" فيها المركبات، وأخرى تحوّلت إلى أنهار جارية، كما تحوّلت بعض الساحات المحيطة ببعض الأحياء إلى بحيرات راكدة لم يتم تصريف مياهها رغم مرور وقت طويل على توقّف الأمطار. وأشار المواطن عبدالله العتيبي، إلى أنه اضطر للانتظار في طوابير السيارات على الدائري الشمالي لمدة الساعتين التي أعقبت الأمطار مغرب أول من أمس، إذ تحول الطريق إلى بحيرات تصطاد السيارات المارة في مشهد يعكس سوء تنفيذ الخدمات وعشوائية مواجهة مثل هذه الحالات التي تحدث دائما في دول أخرى ولا تسبب أي إشكالية لسكانها، لكنها باتت معضلة حقيقيّة هنا نتيجة لغياب الرقابة والاهتمام بالبنية التحتيّة. ويشير المواطن عبدالعزيز الرويلي من سكان حي الجنادرية إلى أن حيّه غرق في مياه الأمطار بعد وقت قصير من هطولها، مشيرا إلى أنه في حال هطول أمطار غزيرة ولوقت طويل، فإن الكثير من المخططات التي أنشئت على مجاري السيول ستشهد كارثة، مؤكدا أهمية إعادة النظر في عدد من الأحياء واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع كوارث الغرق كما حدث في بعض مدن المملكة.