بخطوات متسارعة، ونظرات مليئة بالتجاهل، تصاحبها كلمات متقاطعة، تدل في مجملها على أن التمتمة وسرقة الأنظار للبحث عن مديري مكاتبهم لإرشادهم إلى المخارج التي تمكث أمامها سياراتهم، هي أفضل الحلول لخلاص وزراء المالية والإسكان والاقتصاد والتخطيط من أسئلة الإعلاميين، ومطاردتهم لهم عقب انتهاء الجلسة الأولى لمؤتمر "يوروموني السعودية" الذي بدأ فعالياته أمس ويختتم أعماله اليوم. وأثناء مشهد شبيه ب"سباق مارثوني" شهدته ممرات قاعات فندق الفيصلية المؤدية إلى مواقف السيارات، حيث تكتظ الممرات بالإعلاميين مع مرور كل وزير، وتزيد سرعتهم تلقائيا بسرعة خطوات الوزراء إلى سياراتهم، لم تجد أسئلة الصحفيين نفعا بأي إجابة، في حين كان المشهد مختلفا تماما مع الوزير الأجنبي الوحيد، وهو وزير مالية لوكسمبورج لوك فريدن الذي قابل الإعلاميين السعودين بكل رحابة صدر وأجاب على جميع تساؤلاتهم. وخلال مشهد هروب الوزراء، سجل كل وزير على حدة، موقفا مغايرا لتجنب أسئلة الصحفيين، إذ رد وزير المالية إبراهيم العساف على سؤال أحد الصحفيين ب"كيف الحال؟"، بينما اختار وزير الاقتصاد والتخطيط محمد الجاسر في رده على سؤال ل"الوطن" حول أداء وزارته وخطة التنمية العاشرة المقبلة، ب"كل شي في وقته وكل شي زين"، في حين سبقهم وزير الإسكان شويش الضويحي في التواري خلف الأنظار، إذ خرج بشكل سريع دون أن تلحظه أعين الصحفيين. وفي الوقت الذي رد فيه محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي فهد المبارك على سؤال ل"الوطن" حول التغييرات التي شهدتها المؤسسة، ب"أعذروني"، أجاب رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد آل الشيخ على أسئلة صحفيين ب"ارجعوا للموقع الإلكتروني للهيئة". وخلف تجاهل الوزراء والمسؤولين الكثير من التذمر والتساؤلات لدى الصحفيين، إذ قال الإعلامي الاقتصادي فهد الثنيان، إنه قدم للمناسبة وانتظر لأكثر من 3 ساعات ليقابل الوزراء والمسؤولين، إلا أنه تفاجأ بأن لا أحد منهم يريد أن يتجاوب مع الإعلام، مستغربا تكرر هذه العادة التي وصفها بالدائمة من بعض الوزراء. من جانب استنكر إعلامي اقتصادي آخر، فضل عدم ذكر اسمه كي "لا يحرج رئيس تحرير صحيفته"، هذا التصرف من قبل الوزراء، قائلا: "لماذا هذا التجاهل للصحفي السعودي، لماذا لا يريد أن يتحدث الوزراء، أين الصراحة والشفافية؟ إلى ذلك قال وزير المالية إبراهيم العساف الذي افتتح المؤتمر، إن المملكة اتخذت العديد من الإجراءات لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة باعتبارها إحدى الركائز المهمة في دعم التوظيف والنمو الاقتصادي، بما في ذلك تشجيع المصارف على تقديم الخدمات المصرفية لهذه المنشآت. وأضاف: "نتيجة لهذه الجهود نما التمويل الذي يقدمه البنك السعودي للتسليف والادخار لتلك المؤسسات بشكل كبير، حيث بلغ إجمالي ما صرفه البنك والتزم بصرفه خلال الربع الأول من هذا العام 2013 حوالي 300 مليون ريال لعدد 1131 مشروعا صغيرا وتمويل لسيارات الأجرة والنقل، في حين بلغ متوسط العامين الماضيين 344 مليون ريال، وكذلك ارتفع عدد الكفالات التي أقرها برنامج كفالة الذي يديره صندوق التنمية الصناعية السعودي؛ حيث وصل عددها منذ تدشين البرنامج عام 2006م إلى نهاية الربع الأول من هذا العام 5253 كفالة قيمتها حوالي 2.6 مليار ريال لعدد 3159 منشأة بإجمالي تمويل لهذه المنشآت بحوالي 5.28 مليارات ريال. وأشار العساف إلى أنه يجري العمل بمجموعة من المبادرات في سوق العمل ودعمها ببرامج التدريب والتأهيل لتلبية احتياجات سوق العمل. في سياق متصل حدد وزير الاقتصاد والتخطيط محمد الجاسر، التحديات الرئيسة التي تواجهها المملكة في الوقت الحالي في أربع تحديات هي سبيل زيادة الإنتاجية وهي تعدد الشرائح المكونة لسوق العمل، وتنوع القاعدة الاقتصادية، واجتذاب الشركات العالمية متوسطة الحجم ولا سيما من الدول المتقدمة، وترشيد الإعانات وبخاصة إعانات الوقود لغير المستحقين لها. ورأى الجاسر أن التحدي الأخير يكتسب أهمية متزايدة نظراً لأن تلك الإعانات أصبحت تمثل تكلفة باهظة وتحدث تشوهات هائلة في منظومة الاقتصاد، ولذلك تسعى المملكة لمعالجة المشكلة بطريقة متروية ومتزنة مع توخي الحرص والعناية الكاملة، ومن ذلك تطوير منظومة النقل العام في المملكة. ووصف وزير الاقتصاد والتخطيط السياسة المالية والنقدية للمملكة بسمتين رئيستين هما مقاومة التقلبات الدورية من جهة والتحوط والحكمة من جهة أخرى وهما سمتان تم قصدهما ولم تكونا وليدتي المصادفة. من جهته قال كشف وزير الإسكان شويش الضويحي عن أن صندوق التنمية العقارية قدم قروضا بلغت 800 ألف قرض بدون فوائد بقيمة إجمالية بلغت 224 مليار ريال، إضافة إلى تطوير وتنويع أدوار الصندوق ليشمل بدائل تمويلية جديدة كالقرض المعجل والإضافي وضمان القروض وتفعيل القروض الاستثمارية لصندوق التنمية العقارية. وبين الضويحي أن وزارة الإسكان تعمل حالياً على توفير الأطر التنظيمية المناسبة لآليات وسبل الشراكة، وعلى بحث توفير حزمة من الحوافز التي تشجع القطاع الخاص على الشراكة بكافة أنواعها. وقال إن من الحوافز التي يتم بحثها السماح بزيادة الكثافة البنائية من خلال بحث حوافز تتعلق بنسبة المساحة المبنية والارتفاعات في مقابل تضمين المطورين وحدات ميسرة التكلفة في مشاريعهم، أو قيامهم بتطوير البنية التحتية لأراضي المشاريع. ولفت إلى أن الوزارة وقعت مؤخرا باكورة مشاريع البنية التحتية لأحد مشاريع مدينة الرياض سيوفر أراضي مطورة تتيح بناء قرابة 7 آلاف وحدة سكنية. من جهة أخرى قال رئيس هيئة السوق المالية السعودية محمد آل الشيخ إن الهيئة تضع اللمسات الأخيرة على إطار تنظيمي يسمح بملكية الأجانب للأسهم بصورة مباشرة.