سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"قائد التنمية".. يسخر "الميزانية" ل"تنفيذ المشاريع" و"تحسين الدخل" اقتصاديون ل"الوطن": زيادة الإنفاق تفسر رؤية "الملك".. ولا بد من المحاسبة فيما لم يتم إنجازه
انعكست الموازنات القياسية للمملكة، منذ عشر سنوات حتى الآن، على وزارات الدولة وبرامجها ومشاريعها، ابتداء برفع مخصصات الرواتب، وليس انتهاء بمخصصات المشاريع التي يزيد حجمها عاما بعد عام، يدفع ذلك رغبة قوية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي أخذ على عاتقه عهدا بتطوير التنمية في البلاد، والوصول بها إلى أعلى المستويات العالمية بما يحقق الرفاهية للمواطن، وخلق مصادر دخل متنوعة، تضمن للحكومة إستمرار تدفق الإيرادات على المديين المتوسط والبعيد. وبالرغم من تميز الميزانيات السنوية المتتابعة بمستويات متصاعدة الوتيرة في مخصصات الإنفاق على المشروعات الجديدة بما يساهم في بناء السعة للاقتصاد السعودي واستكمال ونشر وتعزيز التنمية، إلا أن نتائج الضخ السخي خلال السنوات الخمس الماضية "تحديدا" يبرز مسائل مهمة على الساحة الاقتصادية السعودية، أهمها محدودية الإنجاز في مشاريع الدولة التي لم تتجاوز 40%، وتحمل الدولة لبنود رواتب مرتفعة في حين لا يزال المورد الناضب وهو النفط يمثل على 92% من دخل الدولة، مما يطرح سؤالا ضروريا حول نجاح خطط تنويع مصادر الدخل. المملكة مع إعلان ميزانية 2013 قبل أكثر من 4 أشهر، حققت للعام الحادي عشر على التوالي أضخم رقم في ميزانياتها، بتسجيل فائض في ميزانية 2012 بحوالي 386.5 مليار ريال، حيث بلغت الإيرادات 1239.5 مليار ريال والمصروفات 853 مليار ريال، مما جعلها تنجح في تحقيق ثاني أكبر فائض خلال 10 سنوات وخفض مستوى الدين العام إلى نحو 3.6% من حجم الناتج المحلي بنحو 98.8 مليار ريال، ولكن آراء اقتصادية دعت إلى استثمار هذه الأرقام بالشكل الصحيح، لتحقيق رغبة خادم الحرمين الشريفين في تحقيق التنمية المستدامة، داعين إلى مزيد من المتابعة والرقابة والمحاسبة على خطط ومشاريع الدولة. وشدد خبراء اقتصاديون على أهمية أن تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، وما يتطلع له من تحقيق لمشاريع التنمية على أرض الواقع، وعلى أن يؤتي الإنفاق الحكومي أكله في جميع قطاعات الدولة، والعمل بجد وإخلاص لتنفيذ بنود الميزانية على الوجه الأكمل الذي يحقق راحة ورفاهية المواطنين في كل مجالات الحياة. وفيما يخص ميزانية العام الحالي 2013، فقد قدرت وزارة المالية الإيرادات ب829 مليار ريال والنفقات العامة ب820 مليار ريال أي بفائض متوقع بحدود 9 مليارات ريال، وانخفضت المصروفات المقدرة 2013 عن تلك التي تم إنفاقها فعليا 2012 ب33 مليارا ريال، في حين استحوذت قطاعات التعليم والنقل والإسكان على النصيب الأكبر من زيادة المخصصات. وبالتوازي مع ذلك، الخبير الاقتصادي عبدالحميد العمري، قال إن الدولة وفرت منذ منذ 2005 حتى نهاية 2012 نحو 1.5 ترليون ريال كقيمة مشاريع جديدة، مشيرا إلى أن ما تحقق من هذه المخصصات لم يتجاوز 40%، مقدرا قيمة الهدر في المشاريع منذ 2005 حتى نهاية العام الماضي بنحو 964.4 مليار ريال، في حين ما زالت مخصصات المشاريع ترتفع عاما بعد عام، مبينا أن أكثر من 60% من المشاريع متعثرة أو لم تنفذ. وشدد العمري على أن الإخفاق في تنفيذ المشاريع، في ظل دعم سخي ووفرة في الموارد، سببه سوء التنفيذ والتنسيق والمتابعة، مطالبا بمراجعة ومناقشة هذه الإخفاقات في تعثر المشاريع، بشكل جدي في مجلس الشورى. من جهته قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فلالي إنه في الوقت الذي سنصل فيه قريبا إلى الخطة العاشرة للتنمية، نرى أن هناك كثيرا من الخطط التنموية الطموحة تحقق منها القليل ولم يتحقق منها الكثير، مضيفا "المملكة تملك الكثير من مقومات النجاح من موارد مالية وطاقات بشرية، ولا بد من معرفة الاستفادة من الطاقة الكامنة في المجتمع، واستثمار الدعم السخي من حكومة خادم الحرمين الشريفين وتوجيهها التوجيه الصحيح". وفيما يتعلق بتنويع مصادر الدخل، شدد الخبير الاقتصادي فضل البوعينين على ضرورة خفض مساهمة إيرادات النفط في تمويل الميزانية من 92% للوصول بها إلى 50%، من خلال خفض 5% سنويا وتعويضها في قطاعات الإنتاج، في ظل وجود احتياطات كبرى، مضيفا "يجب أن نوسع قطاعات الإنتاج بما يضمن زيادة الناتج الإجمالي المحلي، وزيادة الصادرات غير النفطية، وهو ما سيخلق مزيدا من الوظائف وسيساعد على تحول الوظائف الحكومية إلى القطاع الخاص، كما أنه سيخفض من التزامات الدولة مستقبلا فيما يتعلق ببند الرواتب". وفي رد البوعينين على سؤال حول تحقيق تنويع مصادر الدخل لأرقام كبيرة في العامين الماضيين مقابل عامي 2003 و2004، وأن سبب بقاء رقم تنويع الدخل عند أرقام دنيا، يعود إلى ارتفاع إنتاج وأسعار النفط، قال إن ذلك يعد التفافا على البيانات، مضيفا "ومن يقول بهذا الكلام لا يقدم معلومة نزيهة، نحن نتحدث عن الدخل بشكل عام كنسبة وتناسب، طالما أن إيرادات النفط تشكل 92%، فهذا يدل على خلل كبير خاصة وأن ميزانية الدولة لم تتوقف عندما كانت عليه، بل ترتفع بارتفاع الإيرادات، ولو انخفضت أسعار النفط ستتقلص الميزانية، وتقلص الميزانية لن يكون هينا في عملية التنمية، والدولة الآن تحملت في بند الرواتب حملا كبيرا، وأي تغير في إيرادات النفط مستقبلا سيمثل صدمة قوية للحكومة في توفير الأموال اللازمة لتسديد هذه الرواتب". يذكر أن خطة التنمية العاشرة التي تتم دراستها حاليا لإطلاقها، تبحث حلولا مركبة لملفات الإسكان والتعليم، لتقديم خدمات متميزة لاستيعاب التزايد السكاني، والفئات العمرية المتنوعة، إضافة إلى تعديل وتطوير قطاع النقل، وإعادة هيكلة أنظمة صناديق الدعم الحكومية بما يتناسب مع المرحلة الحالية، كما ستتضمن إدارة عامة وإشرافية وآليات رقابية لتحسين الأداء الحكومي لإنفاذ الخطوات في برنامجها الزمني، وتعديل وتقييم الخطة بتشكيل إداري لمتابعتها. كما ستراعي الخطة العاشرة التوظيف النوعي للشباب، للاستفادة من نتاج الطفرة الاقتصادية السعودية الحالية، وفتح المجال لتوظيف السيدات في الوظائف الحكومية والأهلية، والتوسع في الاقتصاد المعرفي، والتوصل إلى مزيج من مصادر الطاقة المتنوعة خارج النفط والغاز، ورفع مستويات الحوافز والجذب في المناطق الأقل نموا، بما يتوازن مع قوى الطلب واحتياجات النقل، إضافة إلى توجه المملكة إلى رفع معدلات مشاركة الصناعات التحويلية والمعادن ذات القيمة المضافة في وضع الخطة. أمام ذلك، طالب البوعينين بأن يتحرك المجلس الاقتصادي الأعلى لوضع رؤية شاملة لمستقبل المملكة من الناحية الاقتصادية وأن توضع الاستراتيجية الوطنية للتنمية وفق رؤية حديثة ثم سننتقل إلى المرحلة الثانية، وتكون جميع الوزارات ملزمة بتبني هذه الاستراتيجية وتنفيذها بالتكامل فيما بينها وإزالة جميع العقبات منها بحيث لا يتردد وزير في وزارة في خدمة هذه الأهداف والخطة التي وضعت لتطوير البلد. كما دعا البوعينين أن تعتمد الاستراتيجية الوطنية التنموية الشاملة في الأساس على جانبين أساسيين الأول التعليم وهذا التعليم ليس ما يحدث الآن من هدر في الأموال، بل تطوير التعليم الحقيقي، وهو اقتباس أي من التجارب الناجحة في العالم وتطبيقها محلياً بحذافيرها ثم إضافة ماتحتاجه الثقافة الاسلامية والعربية في المجتمع، مضيفا: إذا نعتمد اعتمادا كليا على التعليم وهو ما سيوفر جيلا كاملا معتمدا على التعليم". أما الجانب الثاني فيتمثل برأي البوعينين في التنسيق الكامل من قبل الوزارات لتفعيل هذه الاستراتيجية والوصول بها إلى مستويات متقدمة.