صديقتي بجاحة ما لها حل.. تعشق المواعظ بصوت جهوري تستعين بالميكرفون ليرتفع مدى صوتها للفضاء العالي.. تدخل في أدق التفاصيل الهامشية والمهمة, على اعتبار أنها خالية من العيوب والنواقص! ونقت خطاياها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس! رأيها الأول والآخر في كل شاردة وواردة.. مع علمها التام بأن جعجعة حروفها, يرتد صداها في دائرة ضيقة الأفق.. ولا تمت إلى واقعها قيد أنملة. "بجاحة" ما لها حل مبدعة في المثاليات الفاضلة على الورق والشاشة البراقة, والتي من وراء حجاب.. تحاسبك محاسبة منكر ونكير .. كل حرف تفسر أبعاده لتجعل منه رواية وحكاية، عندما تقرأ عباراتها يصيبك الذهول من ملائكيتها ونقائها، ولكن للأسف عند اختبارها لعدالة الحق والواقع, تذوب وتصبح بخارا متصاعدا أسود, ورائحة قطرانه تزكم الأنوف وتقلب الكبود، تكاد تكون مغردة الأجيال السابقة واللاحقة، وأجمل من ذلك أنها تكتب وهي متكئة على أريكتها التي تئن من وزنها الذي يتضاعف كل يوم، وطقطقة لبانتها الفوضوية يسمعها من به الصمم ويتضجر من به البكم، نشيطة جدا وشجاعة جدا، وكريمة جدا، ومتعاطفة جدا، وتدافع عن المظلوم، وعطاء حروفها ما له حدود! موقعها على الهاشتاق وتويتر يشهد إقبالا منقطع النظير, ويتهافت الأعضاء الوهميون يلتهمون حروفها الموزونة, ويستمعون إلى دررها المصفوفة، تجيد نفخ البالونات التي على شاكلتها كثيرا، ولأن صفير فراغها بلغ ذروته في شخص بجاحتها الكريم, تنتظر المدد, دار الزمان وتنفست أريكتها الصعداء من وزنها الذي ناف عن المئة.. ومع هذا تزوجت "بجاحة" والحمد لله رب العالمين ومهرها كان عدا ونقدا ما لم يتوقعه أحد، وهي التي كانت تهاجم ارتفاع المهور على تويتر. أما وجهتها في السفر فكانت إلى جزر هاواي والصين وكاليفورنيا، صديقتي "بجاحة" لم تترك جوالها ولا لحظة من يدها حتى وهي في شهر العسل، مشغولة بالطقطقة عليه، وزوجها المسكين حار في أمرها وانشغالها المبالغ به استغل غيابها وساقه الفضول ليعرف سر هذا الاهتمام، فأخذ يقلب صفحاته ويا للهول وجد "بجاحته" الجميلة تدخل على مواقع لا تعد ولا تحصى هنا ناصحة، وهنا شريرة، وهنا مثقفة، وهنا فقيهة، وهنا أديبة ورومانسية. رأته "بجاحة" يعبث ويتدخل بما لا يعنيه، أزبدت وأرعدت لأنه أقحم نفسه ببجاحة خصوصياتها.. تأسف الزوج على خسارته وشقاء عمره الذي ضاع على "بجاحة"! قبل النهاية: العفوية في اللؤم براءة, والبراءة المبطنة بلؤم هي الخبث بعينه, فلا تحاولوا يا أصحاب القلوب المبطنة, أن تقذفوا علينا أفكاركم الانفصامية, وترمونا بدائكم وتنسلوا!