تباينت وجهات نظر أربعة من الأكاديميين المشاركين في ملتقى "قراءة النص" حول جدوى الملتقى على الصعيد الثقافي، وما إذا كان قد حقق رغبة مؤسسيه باستحداث مدرسة نقدية كما أطلق عليها آنذاك "مدرسة جدة النقدية"، فبينما أكد الدكتور سعيد السريحي أن ذلك "كان ممكنا"، نفى الدكتور حسن النعمي إمكانية ذلك، فيما أخذ الدكتور أبو بكر باقادر على الملتقى "غياب التراكمية عن منتجه النقدي" التي كان من الممكن أن تقود إلى استحداث مدرسة نقدية، وبالحديث إلى الدكتور محمد مريسي الحارثي نفى عن الملتقى أن يكون من وظيفته إنتاج مدرسة نقدية. وقال الدكتور الحارثي ل"الوطن": أعتقد بأن نادي جدة وفق كثيرا في هذا الملتقى وخصوصا في جهة اختيار المتحدثين خاصة في هذا الملتقى الذي نحضره اليوم حيث تجد تنوعا في الموضوعات النقدية المطروحة، ويمكن أن يكون صحيحا أنها لا تنسجم مع بعضها في إطار عنوان الملتقى "التحديث النقدي في المملكة العربية السعودية"، لكن حين يكرس الموضوع نحو قضية بعينها نجد أن هذا التنوع يثري هذا الموضوع. وأضاف: لا يمكن للملتقى أن يؤسس مدرسة نقدية، ولا يمكنه ذلك لأن هذه ليست وظيفته، وليس هذا مجال اهتمامه، ولكنه أسس مجتمعا ناقدا في كل لقاءاته. أما الدكتور بكر باقادر فيرى أنه منذ عشر سنوات كان هناك "أمل أن ينتج الملتقى مدرسة، لكن المدرسة النقدية لا تظهر إلا إذا كان هناك تراكم معرفي أصيل". وتابع: يظهر لي أن ملتقى قراءة النص لا يلاحق التحولات التي طرأت على قراءة النص، الملتقى يطلب أوراقا في إطار قضية عامة، وربما يكون هناك تصور أن يكون عدد الأوراق كبيرا من دون شروط على أصحاب الأوراق، كما أعتقد أن هناك إغفالا للتحديث النقدي في مجالات غير الأدب، فهناك تحديث نقدي وثقافي واجتماعي وفكري وديني وأيديولوجي، والمملكة الآن تمر بمرحلة حوارات كبرى ليس حاضرة فيما هو مشاهد. أيضا هناك عدد كبير من النصوص التأسيسية التي أثارت جدلا وشكلت تحولات لا نراها في المشهد النقدي، هناك بالتأكيد طروحات نظرية لكنها لا تشكل تراكما معرفيا، إن اثني عشر عاما كافية للنظر فيما إذا كان أنتج ملتقى النص تراكما معرفيا، أنا لا أرى ذلك مع أن البعض قد يرى توفره. بدوره يرى الدكتور حسن النعمي أن "ملتقى قراءة النص وجميع الملتقيات هي مشروعات للتنمية الثقافية، أما أن يتحول إلى مدرسة نقدية فهذا غير وارد لأن طبيعة الملتقى هي الانفتاح على تعددية القراءات بينما يتجه الدرس النقدي المنبثق من مدرسة نقدية إلى تكريس اتجاه نقدي محدد، بينما يقدم الملتقى وبمستويات متفاوتة ومتنوعة اتجاهات عديدة، ولذلك نجد خلال الدورات الاثني عشرة، تنوعا كبيرا في الطروحات، بعضها في الثقافة وأخرى في الأدب وثالثة في النقد ولا يركز على شيء معين ولا أسماء معينة جميع الملتقيات على هذه الشاكلة، ويجب التنويه إلى أن الملتقى هو ملتقى طليعي فهو مؤسس أنموذج للملتقيات التي أتت بعده. الدكتور السريحي أبدى "تقديره" لحرص النادي على استمرار هذه الحلقة النقدية. واستدرك "لكن إذا كان ثمة من مآخذ على هذه الحلقة النقدية فهو المأخذ الذي ظل مستمرا منذ الملتقى الرابع أو الخامس، وحديثي عنها ليس منصبا على إدارة النادي اليوم، بقدر ما هو منصب على إدارة النادي حين كنت عضوا فيها، ذلك أن مثل هذه الحلقات النقدية لكي تكون مؤسسة لمدرسة نقدية، يجب أن تخضع أبحاثها إلى الدرس والتمحيص والمراجعة والإجازة وعلى النادي أن يسلك أحد أمرين لا ثالث لهما، وهو أن تكون الدعوات خاصة لباحثين وفق محاور محددة من قبل، وما اتجاه الندوة وما يمكن توخيه منها. أو أن تخضع الأبحاث للتحكيم فيما لو كانت استجابة لدعوة عامة، أما أن يكون صدر النادي الآن ومن قبل، متسعا لكل ما يأتي إليه، فإن ذلك يعني الانصراف عن الدرس النقدي الذي ينبغي أن يكون متميزا بالعمق والجدية والإضافة. وأضاف: وأنت تسألني كيف يمكن خلق مدرسة نقدية وهناك فروق كبيرة ومتنوعة وقضايا متعددة طرحت على مدة اثني عشر عاما؟ .. أجيب: فيما لو تم تمحيص ما يقدم في الملتقى من دراسات وما يدور حوله من نقاشات فإنه جدير بأن يفعل ذلك أي إن يشكل مدرسة .. لا تؤسس المدارس بأربعين أو خمسين بحثا فيها ما هو جيد وما هو رديء، وإنما تؤسس بدراسات جديدة وجادة تحفر في العمق. نحن بحاجة إلى حلقة بخمسة أو عشرة أبحاث تكون إضافة للدرس النقدي، ولسنا بحاجة لخمسين يضيع الجيد منها في ثنايا الرديء.