أكد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" محمد الشريف، أن الهيئة تواجه صعوبات تمثلت في "المقاومة" من جهات مشمولة في اختصاصاتها الحكومية، علاوة على عدم الالتزام بالمدة المتاحة للرد على استفسارات الهيئة من قبل الجهات الحكومية والمتمثلة في مدة 30 يوما. وقال إن الهيئة اضطرت للجوء إلى خادم الحرمين الشريفين، الذي أصدر أمرا بالتأكيد على ذلك، فيما أشار الشريف إلى أن الاستجابة "تحسنت"، لكن ما زال هناك عدد من الجهات "لم تلتزم"، ملمحا إلى أن ما يتداوله المجتمع بأن "الفساد مستشر"، أمر يحتاج إلى إثبات، ويتطلب إجراء أبحاث وتحليل معلومات. جاء ذلك في إجابته مساء أمس، عن عدد من المداخلات خلال ندوة "الفساد المالي والإداري والتنمية المستدامة في الوطن العربي"، ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان الجنادرية بالرياض، حيث غلب "التنظير" و"السردية" على أوراق العمل التي تحدثت عن تعريفات الفساد، وأسبابه، وآثاره. وبالرغم من مرور أسابيع قليلة على آخر ندوة شاركت فيها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" في معرض الرياض الدولي للكتاب، إلا أن مشاركة رئيسها محمد الشريف لم تشهد جديدا يذكر، إذ بدأها بذكر آيات قرأنية وأحاديث نبوية عن الفساد، لينتقل بعد ذلك إلى تعريف الفساد، وألقى نبذة عن نظام الهيئة، وآلية تأسيسها، وسرد اختصاصاتها. وتحولت الندوة إلى مناقشة حالة الفساد في المملكة، بدلا من مناقشة المحور المتصل بها، وهو التنمية المستدامة في الوطن العربي، فيما شهدت الندوة حضور نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لحماية النزاهة الدكتور عبدالله العبد القادر، الذي كان أحد المشاركين في ندوة مماثلة حول الفساد خلال العام المنصرم، وانتقد الهيئة آنذاك بلهجة شديدة. من جهتها أشارت المشاركة الأخرى في الندوة، عضوة هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتورة أميرة كشغري، إلى منظمة الشفافية الدولية، التي تراقب مدى إدراك المسؤولين لمستويات الفساد، وانضمام دول الخليج لها عام 2003. واعترضت كشغري على عنوان الندوة، بحجة "أننا لم نتجاوز التنمية حتى نتحدث عن التنمية المستدامة"، لافتة إلا أن الفساد أبرز المعوقات، علاوة على آثاره السلبية، ومنها تسببه في الإحباط للأفراد، وهو ما قد ينعكس على المواطنة، وتفكيك المجتمع، وأوضحت أن "نزاهة" مؤسسة حديثة التكوين، لكنها تجمع كمّا من الخبرات. وطرحت كشغري مقترحات أمام رئيس الهيئة، تحديد المفاهيم ورسم الأطر للفساد، وإطار العمل لمكافحته، إذ لا يخلو موضوع الفساد من التشعب، ملمحة إلى أن الهيئة انشغلت بقضايا لا يفترض أن تعالجها، ودعت إلى بناء المؤسسات الداعمة لمكافحة الفساد، ممثلة بمؤسسات المجتمع المدني، وقالت إن تأسيس جمعيات لمكافحة الفساد خلال الأعوام المقبلة ذو أهمية لا تقل عن دور الهيئة في مكافحة الفساد. من جهته قال عضو مجلس الشورى اللواء عبدالله السعدون، إن الهيئة ما زالت في خطواتها الأولى، مؤكدا أنه إذا كان هناك "20 سببا من مسببات الفساد، فلن تستطيع القضاء عليها، ولذلك يجب التركيز على ما هو الأهم، وما يمس مصالح الناس مباشرة، وتحديد معايير مثل المواصفات، والجودة، والتكلفة للمشاريع الحيوية". وأشار مدير الندوة الدكتور خليل الخليل، إلى أن خسائر الفساد في الدول النامية بلغت أكثر من 8.4 تريليونات دولار، وهو يتجاوز ما تحصل عليه تلك الدول من مساعدات، في حين أوضحت الكاتبة الصحفية الدكتورة حسناء القنيعير، أن الفساد حظي باهتمام كبير من الباحثين، وتركزت ورقتها في سرد مواطن الفساد وآثاره، والأضرار المترتبة عليه، ودوره في إعاقة المشاريع التنموية، مشيرة إلى أن "الحاجة" تعد من أبرز أسباب تفشي الفساد، وتفعيل العلاقات الشخصية، عبر شخصنة المعاملات الإدارية.