واصلت لجنة الإغاثة المكونة من عدة قطاعات حكومية أعمالها في تهامة قحطان لليوم الثالث على التوالي، ورافقت "الوطن" أمس فرع اللجنة المناط به التوزيع في أماكن الإغاثة بقرى شيبة، وضموة آل الزماح، ووادي سريان، إذ اتخذت اللجنة قرية "درامة" بني بشر في محافظة سراة عبيدة مقرا رئيسا يطل على تهامة، لتنطلق منه أعمال الإغاثة العاجلة لنحو 400 أسرة عزلتهم الأمطار منذ 10 أيام. وأوضح عضو اللجنة العقيد مهندس أحمد الشهراني، أن اللجنة تمكنت من إيصال المؤن بنهاية أعمال أمس لنحو 215 أسرة، متوقعا أن تستمر عمليات الإغاثة حتى الوصول إلى أكبر شريحة متضررة، ووفق البيانات المعدة سلفا، مؤكدا أنه لا يوجد وقت محدد لنهاية أعمالها. إقلاع أولي أقلعت طائرة الأمن في رحلتها الأولى محملة ب 15 سلة غذائية، و6 أفراد من اللجنة ترافقهم "الوطن" عند الثامنة صباحا وسط جو مشمس، وبقيادة العميد طيار فيصل الحارثي، يساعده النقيب عبدالخالق القرني، والملاح الرقيب عبدالرحمن المحنشي، ومن ارتفاع يربو عن 2350 مترا فوق سطح البحر، وصلت الطائرة إلى قرية شيبة التي ترتفع أيضا عن سطح البحر نحو 950 مترا، واستغرقت الرحلة نحو 12 دقيقة، اضطر قائد الطائرة في ظل غياب اللجنة لممارسة عملها بعيدا عن الطائرة، أن ينزل لتنظيف المنطقة القريبة من الطائرة من بقايا أغضان الأشجار، والتي من المحتمل أن تصيب الهيكل في حالة تطايرها. حياة البساطة يعيش أبناء تلك القرى حياة البساطة، ومن الجميل أن يتعايش معها الآخرون، لا سيما وهم ينعمون بالهدوء، ولا يعكره سوى زخات المطر وجريان السيول التي تعزلهم عن العالم المحيط، وما أكثر تلك الأوقات، خاصة في مثل هذه الأيام، حتى نهاية أعمال أمس تمت إغاثة 215 أسرة بالدقيق، السكر، الحليب الجاف، الأرز، وزيت الطبخ والشاي. كاميرا "الوطن" على مدى 6 ساعات رصدت حاجة الناس، وإصرارهم على الاستفادة من تلك المؤن التي تقدمها الدولة. العيون المترقبة هبطت الطائرة بسلام بالقرب من مركز الإمارة في رحلة ثانية إلى مركز سريان، لحظات ويفتح الباب الرئيس، أطفال وشباب من المركز اقتربوا من الطائرة، تم إنزال المواد التموينية، وفي قراءة أولية لتلك الوجوه السمراء والعيون المترقبة، تلحظ مدى الفاقة إلى تلك المعونة العاجلة، فهم هناك بمعزل عن العالم منذ أيام عدة، تم التحميل في سيارة تمهيدا لإيصالها إلى داخل المركز، إذ يوجد مندوبو الإمارة والمالية، والدفاع المدني، وهناك سجلات وأوراق وبطاقات عائلية، تستوجب اكتمال مسوغاتها قبل التسليم. الغياب القسري توقع أهالي قرية "ضموة" ألا يتمكن معلمو مدرسة المقداد بن الأسود من العودة إلى صفوف الدراسة خلال هذا الأسبوع، نتيجة لانقطاع الطريق، وغياب أعمال الصيانة العادية للطرق الترابية، المدرسة التي يدرس بها 30 طالبا، ويناشد أهاليها المسؤولين في افتتاح مدرسة ابتدائة للبنات، لا سيما وأن نحو 64 طالبة أعمارهن تتراوح بين 6 سنوات و20 سنة محرومات من التعليم، وهذا التغيب القسري يواكبه تغيب آخر من الممكن أن تشهده مدارس تلك المناطق. جوال الثريا نظرا لانقطاع الاتصالات اللاسلكية، وانعدام التقاط إشارة أي مزود خدمة للجوال في تلك الجبال الشاهقة، فقد لفت نظرنا وجود جوال "الثريا"، والذي يعتمد على الأقمار الصناعية في التقاط إشارته، مدير شعبة العمليات في الدفاع المدني بسراة عبيدة الرائد هادي جابر البشري، لفت إلى أنهم يضطرون إلى استخدامه في تلك المناطق النائية لتتم من خلاله طلبات الإسناد، وتمرير المعلومات للمسؤولين أصحاب القرار، وبواسطته تمت المساعدة في العثور على جثة متوفى. مركز صحي وفي مركز سريان قال أحد الشباب المتعلمين ردا على حوار دار حول أهمية وجود مركز رعاية صحية أولية: "المنتظر مل صبره" في إشارة إلى مطالب متكررة، لإيجاد مركز صحي، خاصة وأن هناك أكثر من 200 أسرة فيهم المعاق وذوو الأمراض المزمنة، والحوامل، وكثرة الحشرات الزاحفة، والثعابين، يشاطرهم نفس المطالب أهالي ضموه، وشيبة لكن مواطني ضموه يفضلون أن يتم إيجاد مركز مكافحة لنواقل المرض أولا. الكهرباء والاتصالات الكهرباء موجودة بالفعل في معظم القرى التي وصلتها "الوطن" مع مواكبة للتعليم، لكن في ظل غياب تام للطرق، والأهالي هناك يقضون ليلهم حتى صلاة العشاء ومن ثم يخلدون للنوم، ليصبحوا مع صلاة الفجر مرددين الأذان ليشكل صدى الصوت مع سكون الليل منبها آليا يوقظ الجميع، وليذهب كل بغنمه نحو الجبال، أما الجوال فتلك حكاية أخرى، إذ يتطلب أن تذهب إلى قمة جبل بعيد لتلقط إشارة كاملة لبرج الجوال القابع في مركز الحبلة، أو عليك الانتظار حتى ما بعد المغرب إذ تزداد الإشارة عند مكان منزو في المركز. الطرق وجمعية البر يشير العم عوض علي آل خزيم، ويشاطره الرأي محمد متعب مسرع، إلى أن الحاجة باتت ماسة لإيجاد فرقة من وزارة "النقل" مجهزة بمعداتها، لفتح الطرق، أولا بأول، الأمر الذي لم تغفله اللجنة المحلية للتوزيع، إذ رفعت أمس في محضر لها تأييد ما ذهب إليه المواطنون في طلباتهم المتكررة، ووجود مخزن أو مستودع خيري تتبناه إحدى جمعيات "البر" المنتشرة في عسير بات أمرا ملحّا، وفي ذلك ترشيد للنفقات، وتوسيع لدائرة اهتمام المجتمع بإخوة لهم. أمطار شرق تهامة إلى ذلك ما زالت الأمطار تهطل بغزارة على أجزاء متفرقة من سراة عبيدة تراوحت بين متوسطة وغزيرة، وشملت أجزاء كبيرة، وأدت موجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها أنحاء متفرقة من الجبال والأودية في المسنا والغايل وأجزاء من مركز الفرشة التابع لمحافظة سراة عبيدة خلال الأسبوعين الماضيين، إلى عزل عشرات القرى. مطالب بجسور "وادي سريان" والقرى التابعة، الواقعة على روافده من أودية اللحجة، عنق بيش، هي الأكثر تضررا، ورصدت "الوطن" تعذر عبور السيارات في مزلقانات "مثلث شني" وأودية وادي الحيا، ووادي "أثرب" لساعات، وجرفت السيول الكثير من الطرق وغيرت معالمها وخلفت الكثير من الصخور والأتربة في الطريق الذي يربط الفرشة بعقبة "شني" والطريق المؤدي إلى محافظة ظهران الجنوب، عن طريق المسنا وصولا إلى مركز الربوعة الحدودي، واكبها مطالبات من شيخ شمل آل حيان "آل السري" الشيخ جابر بن كردم، والأهالي بتغيير المزلقانات، إلى عبارات دائمة تيسيرا لمواطني تلك المنطقة. متابعة الطرق رئيس مركز الفرشة خالد عسيري، طالب البلدية بتوجيه فرق الصيانة بمتابعة حالة الطرق الداخلية، في محاولة لإزالة الأتربة والأحجار المتساقطة على الطريق العام وفي عقبة "شني"، والمناطق التي تمتد إليها خدمات البلدية، وتابع بنفسه مناطق توزيع الإغاثة، وساعد اللجنة بحكم خبرته بالمنطقة وأهاليها. إسعافات وُجد فريق طبي بقيادة مدير طب الطوارئ والأزمات في صحة عسير يحيى محمد آل مفرح، وعضوية طبيب وممرض وصيدلي، وقدمت الخدمات العلاجية ل 88 حالة على مدى ثلاثة أيام، كان معظمها يعاني من التهابات الجهاز التنفسي، العيون، وحساسية الصدر، وضغط الدم، كما قدم الفريق علاجات الأنسولين لحالات تعاني من مرض السكر. ..والمساعدات تشمل كل "الاحتياجات" أوضح الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير العقيد محمد عبدالرحيم العاصمي، أنه نظرا لما صاحب الأمطار التي هطلت خلال الأيام الماضية على محافظة سراة عبيدة عامة، وتهامة قحطان خاصة من أضرار وسيول منقولة تسببت في عزل وانقطاع الطرق في وادي شيبة وقرية سريان وقرية راحة ووادي حمة ووادي العطف ووادي اللحجة ووادي السبلة بتهامة سراة عبيدة، ولما يتطلبه الموقف فقد صدرت توجيهات أمير منطقة عسير بتشكيل لجنة إغاثة عاجلة للوقوف على حجم الأضرار وتقديم الإغاثة اللازمة والعلاج اللازم للأسر التي تحتاج المساعدة. وأضاف، وعليه قامت لجنة الإغاثة المكونة من إمارة منطقة عسير ومديرية الدفاع المدني بالمنطقة وفرع وزارة المالية والشؤون الصحية بالمنطقة منذ الصباح الباكر بأعمال الإغاثة، إذ وفر فرع وزارة المالية بمنطقة عسير المواد الغذائية اللازمة الأساسية للأسر التي تم حصرها، وتحتاج إلى إغاثة عاجلة جراء انعزالها نتيجة تعطل الطرق، إذ تم إيصال المؤن إلى أقرب نقطة توزيع بمطل درامة بسراة عبيدة، وجرى نقلها بواسطة طيران الأمن الى تلك الأسر بإشراف ميداني من قبل اللجنة بتلك المواقع. وبين العاصمي، أنه تم توزيع بعض الأدوية اللازمة كأدوية السكري والضغط وبعض المهدئات للمرضى المحتاجين لها بتلك الجهات بإشراف طبيب وممرض رافقا اللجنة خلال توزيع المؤن، فيما تابع الموقف أمير منطقة عسير الذي وجه بتقديم الإغاثة والدواء للمتضررين. فيما أوضح مدير الدفاع المدني بمنطقة عسير اللواء محمد بن رافع الشهري أن أعمال الإغاثة ما زالت مستمرة بواسطة طيران الأمن.