على النقيض كان يعتري الطالب الخوف والهلع من المعلم في الوقت السابق، حينما كان للمعلم هيبته إذا ظهر في مكان ما، تجد التلميذ يسلك فجًا آخر خوفا من مواجهته.. وفي وقتنا الحاضر، اُستعمِر هذا الخوف والهلع بشيء من الوقاحة وقلة الأدب، وإن لم أبالغ فربما بعضهم يطلب من معلمه "سيجارة الدخان" أو يحضر معه موكب "تفحيط" أو يقوم معه بجولة سريعة على إحدى الأسواق، لاسيما "طلاب الثانوية.." ينص التعميم الأول: إن المعلم (لا يحق لك مقاومة الطالب حتى يطرحك أرضاً)، بعد ذلك التهجم القبيح.. أو سمِّهِ ما شئتَ..!!؛ يحق للمعلم الدفاع "فقط" عن ذاته التي اُنتهكت، وإلا فإنه غير مخول للدفاع عن نفسه، أو بعبارة أوضح؛ لو صُفع على خده من يدِ طالبٍ متمردٍ ..!، أو رُكل بركلة طائشة، في هذه الحالة.. يكتفي المعلم برفع برقية للوزارة،! كأقصى حدٍّ للمقاومة؛ خشيةَ "النقل التأديبي". ينص التعميم الثاني: (757) والصادر عام 1420 لا ضرب..، لا توقيف..، لا توبيخ..، لا همس..!!؛ لأن ما سبق له آثار عكسية على الطالب؛ فهي تؤثر سلبيا على مستقبله وحياته الصحية والاجتماعية والتحصيلية، وكما تنص المادة على احترامهم وتقديرهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.. إني لا أتصنع الطرافة ولا أتعمد الإثارة، ولكن هذه هي الحقيقة الغامضة التي يوقّع أدناها كل معلم ومدير مدرسة "سنويا". إن مثل هذه التعاميم لا شك أنها تستوقف عمل المعلم، وتجعل منه "بليد الحس"، لا يسعى للنصح والإرشاد، ولا يُنمّي مواهبَ أبنائِه الطلاب.. وحينما أقول إن "وزارة التربية والتعليم" بترت الدور الحقيقي للمعلم، وسلبت منه سلاح الضرب - غير المُبرح- فهذه حقيقة لا يخفي معالمها أي معلم مثابر ومجتهد. منع المعلم من الضرب ليس بحل جوهري من خلاله تنحل المعضلة. كما أن الضرب هو العلاج الشافي، ولو اقتصرت صلاحيتُهُ على المدير ووكيلِه لصار الحلَّ الكافي؛ لأنه يعزز في الطالب مهابة المعلم التي فُقدت، وكفيل أيضا بزرع السكينة في ثنايا "المدرسة" بدلا من الضجيج والإزعاج. ومضة: أقولها بصريح العبارة إننا بالفعل نحتاج لإدارة متفهمة، وسبق لها أن خاضت تجربة ميدانية عملية، لا مجرد إداريين ومشرفين على الكراسي الدوارة، الذين لم يكن لهم أي باع في التدريس، بل لم يكن لهم إلا إصدار الأوامر على المعلم، حتى أصبح في "زنقة".