بدأت في العاصمة القطرية الدوحة اليوم الثلاثاء أعمال القمة العربية في دورتها العادية ال24 . ورأس فد المملكة العربية السعودية إلى القمة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. وقد بدأت الجلسة الافتتاحية للقمة بتلاوة آيات من القرآن الكريم. عقب ذلك ألقى نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي كلمة بلاده في القمة بصفتها رئيسة القمة السابقة، أعرب خلالها عن شكره لأمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني على استضافة القمة العربية ال24. وقدم شكره لجامعة الدول العربية وأمينها العام الدكتور نبيل العربي لجهوده في متابعة تنفيذ مقررات قمة بغداد والقمم التي سبقتها. وقال " إن العراق نهض من خلال ترؤسه للدورة ال 23 بمسؤولياته الكبيرة في ظل التحديات والتطورات التي تشهدها المنطقة العربية وما صاحبها من تداعيات استوجبت توفير المناخات الملائمة للحوار وبما يكفل تفادي العنف والفوضى والتدخل في شؤون الدول العربية ". ثم أعلن الخزاعي عن تسليم رئاسة القمة لأمير دولة قطر حمد بن خليفة ال ثاني. إثر ذلك وجه أمير دولة قطر رئيس القمة الدعوة الى رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب وإلى رئيس الحكومة السورية المؤقتة غسان هيتو لشغل مقعد الجمهورية السورية في القمة. بعد ذلك ألقى أمير دولة قطرحمد بن خليفة آل ثاني كلمة أعرب فيها عن شكره للرئيس العراقي جلال طالباني على ما بذله من جهود طيلة رئاسته للدورة السابقة لهذه القمة وللأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي والعاملين بالأمانة العامة على الجهود التي يبذلونها لتعزيز دور الجامعة العربية. وأكد أن قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى وهي مفتاح السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ، مبينًا أنه لا سلام إلا بحل هذه القضية حلاً عادلاً ودائمًا وشاملاً يلبّي كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مشيرا إلى أنه يجب على إسرائيل أن تدرك أن القوة لاتصنع الأمن وأن السلام وحده هو الذي يحقق الأمن للجميع ، وأن ممارساتها غير المشروعة أو الاعتداء على حرمة المسجد الأقصى وتهويد مدينة القدسالشرقية ومواصلة الاستيطان وإبقاء الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية ، كل هذه الممارسات والسياسات لن تقود سوى إلى إشاعة التوتر في المنطقة وزيادة اليأس والاحباط وسط أبناء الشعب الفلسطيني ووضع المزيد من العراقيل في طريق عملية السلام المتعثرة أصلاً. قمة مصغرة واقترح أمير دولة قطر عقد قمة عربية مصغرة في القاهرة بشأن الوضع الفلسطيني في أقرب فرصة ممكنة وبرئاسة جمهورية مصر العربية ، ومشاركة من يرغب من الدول العربية إلى جانب قيادتي حركتي فتح وحماس ، وتكون مهمة هذه القمة ، التي ينبغي ألا تنفضّ قبل الاتفاق على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وفقاً لخطوات عملية تنفيذية وجدول زمني محدد، وعلى أساس اتفاق القاهرة عام 2011 م واتفاق الدوحة عام 2012 على أن يشمل ذلك تشكيل حكومة انتقالية من المستقلين للإشراف على الانتخابات التشريعية والرئاسية والاتفاق على موعد إجراء تلك الانتخابات ضمن فترة زمنية محددة. دعم فلسطيني وأكد أمير قطر أن الحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية في القدس لا تقبل المساومة وعلى إسرائيل أن تعي هذه الحقيقة ، وأنه يجب على الدول العربية أن تبدأ تحركًا سريعًا وجادًا في هذا الشأن ، مطالبًا بإنشاء صندوق لدعم القدس برأسمال قدره مليار دولار ، على أن يتم التنفيذ فور انفضاض القمة تلك . وأعلن سموه عن مساهمة بلاده بربع مليار دولار على أن يُستكمل باقي المبلغ من قبل الدول العربية القادرة ، كما اقترح أن يتولى البنك الإسلامي للتنمية إدارة هذ الصندوق . الشأن السوري وفي الشأن السوري بين أمير قطر أن تطور الأوضاع الخطيرة والمأساوية في سورية على مدار العامين الماضيين أخذ منحًى كارثيًا ، تولدت عنه مآسي وجرائم يندى لها الجبين ، معربا عن أسفه أن يدخل النظام السوري في مواجهة عسكرية مع شعبه، ورفض جميع نداءات الإصلاح الجدّي والمبادرات السياسية العربية حتى بلغت الكارثة حدّاً لم يعد معه الشعب السوري ليقبل بأقل من الانتقال السلمي للسلطة الذي نصّ عليه قرار جامعة الدول العربية في 22 يوليو 2012. وكرّر آل خليفة الطلب من مجلس الأمن بأن يقف مع الحق والعدالة ، ويستجيب لصوت الضمير الإنساني ضد الظلم وقهر الشعوب ، وأن يستصدر قرارًا بالوقف الفوري لسفك الدماء في سورية وتقديم المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب بحق شعبها إلى العدالة الدولية ، داعيا إلى أهمية عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأممالمتحدة لإعادة إعمار سوريا فور عملية انتقال السلطة وفقًا لإرادة الشعب السوري . وبين أمير قطر أن التحول التاريخي الذي تمر به الأمة العربية حاليًا يتطلب التعامل معه بفكر جديد وأساليب جديدة وبإرادة حقيقية للتغيير الذي يستلهم تطلعات الشعوب ويستجيب لطموحاتها المشروعة ، وعلى أنظمة الحكم أن تدرك أنه لا بديل عن الإصلاح المدروس المستند إلى رؤية وفكر وإرادة وليس إصلاح الشعارات والوعود الزائفة. وطالب بدعم تطوير الجامعة العربية بما يتفق والمرحلة الراهنة للمحيط الإقليمي والدولي ، وبما يعزز قدراتها في التعامل مع مقتضيات هذه المرحلة والحفاظ في الوقت ذاته على المبادئ والأهداف التي تأسست الجامعة عليها. دعم مادي وتقديراً للجهود الكبيرة التي يبذلها موظفو الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في أداء المهام الموكلة لهم ورغبة في توفير الحياة الكريمة بعد سنوات العمر الطويلة التي قضوها في خدمة الجامعة ، رأى أمير قطر أن الأوان حان لإنشاء صندوق معاشات لهم ، معلنًا استعداد بلاده للمساهمة في تأسيس هذا الصندوق بمبلغ 10ملايين دولار. عقب ذلك ألقى الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي كلمة أكد فيها أن بناء تكتل اقتصادي عربي حقيقي يتطلب إصلاحا عميقا لمنظومة العمل العربي المشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية لتشمل دور وسلطات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجالس الوزارية المتخصصة ومنظمات الجامعة ومراكزها المتخصصة , بحيث تشكل جميعها منظومة واحدة متكاملة ، مؤكدا أنها مطروحة منذ سنوات عديد وأنه آن الأوان لاتخاذ قرار لحسمها. وقال " لقد بات من الضروري إجراء عملية مراجعة شاملة لميثاق جامعة الدول العربية , الذي تمت صياغته عند نهاية الحرب العالمية الثانية في ظروف دولية وإقليمية لم تعد قائمة بحيث تمكن الجامعة من الاضطلاع بوظائفها التي تمليها عليها تحديات العصر بظروفه الدولية والإقليمية الحالية " . وأفاد أن هذه المراجعة يجب أن تشمل أولويات العمل العربي المشترك وقواعده , والتعديلات الخاصة بعمل هيئات ومجالس الجامعة , ودعم دور الأمين العام ودوره في تنشيط العمل العربي المشترك , والنص على آلية دورية لمراجعة وتطوير ميثاق الجامعة. وأكد أن القضية الفلسطينية هي دائما جوهر الصراع في المنطقة ، مشددا على أنه لم يعد من المقبول الانخراط في مسار مفاوضات عقيمة أو القبول بمبادرات تفاوضية تتعامل مع قضايا فرعية وجزئية لتضييع الوقت وتكريس الاستيطان والاحتلال دون أن تتعامل بجدية مع جوهر أساس هذا الصراع. ولفت الانتباه إلى أن المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لابد وأن تتم وفق الأسس والقرارات الدولية لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة وفي مقدمتها قرارا مجلس الأمن 242 و 338 والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة. وقال " إنه بدون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة داخل حدود 67 وعاصمتها القدس لن تنعم هذه المنطقة بأي سلام أو أمن أو استقرار " مشيدا بالإنجاز الذي حققته دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر نوفمبر الماضي ، مشيرا إلى ضرورة البناء على هذا الإنجاز لتأكيد الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة مكتملة المقومات واقعة تحت الاحتلال. وشدد العربي على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة وتنفيذ التفاهمات والاتفاقات التي تم التوافق بشأنها في القاهرةوالدوحة لاستعادة وحدة القرار الوطني الفلسطيني ووحدة مؤسسات الدولة الفلسطينية. وأضح أن المنطقة العربية شهدت منذ قمة الدوحة 2009 م تغيرات مهمة تحمل أبعادًا وتداعيات بالغة الأثر على مجمل الأوضاع في المنطقة العربية حاضرًا ومستقبلاً. وأكد أن التغيرات تفرض على الجامعة العربية مسؤوليات كبرى تجاه توفير كل أشكال الدعم والمساندة الفعالة لعملية التغيير الجارية في تلك الدول لمساعدتها على تجاوز أعباء هذه المرحلة الانتقالية في أقصر وقت ممكن وبأقل قدر من الخسائر أو التكلفة الاقتصادية ، مشددًا على أن أمن واستقرار أي دولة من الدول العربية يمس مباشرة مستقبل واستقرار جميع الدول العربية والمنطقة برمتها. ورحب االعربي بانطلاق الحوار الوطني الشامل في اليمن ، معربا عن تطلعه بأن يحقق أهدافه في تحقيق بنود المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية. وأشار إلى أن الجامعة تتواصل مع دولة قطر والاتحاد الإفريقي لدعم تحقيق السلام والتنمية في السودان وإقليم دارفور ، داعيا الدول الأعضاء إلى المشاركة الفعالة وتقديم تعهدات مالية مقدرة لمؤتمر المانحين الدوليين الذي سيعقد في الدوحة يومي 7 و 8 ابريل المقبل . ولفت الانتباه إلى أن دعم العملية السياسية الجارية في جمهورية جزر القمر تستحق من الجميع التحية إضافة إلى قدر النجاح الذي تحقق مؤخرا في الصومال على صعيد إتمام المرحلة الانتقالية في البلاد وانتخاب برلمان ورئيس جديد للبلاد ، مبرزا وجوب دعم مسيرة إعادة الإعمار وبناء مؤسسات الدولة في الصومال . وقال " إن الجامعة العربية تواصل دعمها التام لدولة الإمارات العربية المتحدة لإيجاد حل سلمي وعادل لقضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة عن طريق المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية . وبشأن الأزمة السورية أكد العربي أن الجميع يدرك التداعيات الخطيرة الناجمة عن استمرار الأزمة السورية الدامية ، محذرا من أن استمرار هذا الجرح النافذ في الجسد السوري يهدد بأخطار جسيمة تطال مستقبل هذا البلد وأمنه ، كما تطال تداعياتها أمن واستقرار الدول المجاورة والمنطقة بأسرها. وبين أن الجامعة وقفت إلى جانب انتفاضة الشعب السوري السلمية منذ انطلاقها وطرحت العديد من المبادرات ، معربا عن أسفه إزاء فشل تلك المبادرات في إقرار التسوية السياسية المنشودة . وحمل النظام السوري المسؤولية الأولى عن تفاقم هذه الأزمة وبلوغها هذا المنحى الخطير بسبب إصراره على اعتماده الحل العسكري الذي بلغ مداه في استخدام الأسلحة الثقيلة من طائرات ومدافع وصواريخ ضد أبناء الشعب السوري ، مؤكدا أن مجلس الأمن الدولي يتحمل مسؤولية الإخفاق في فرض الحل السياسي للأزمة بسبب عجزه عن اتخاذ القرارات اللازمة لوقف نزيف الدم في سورية. ودعا إلى توفير كل الدعم لجهود للأخضر الإبراهيمي وتمكينه من مواصلة جهوده في التوصل لتحقيق التوافق الدولي والإقليمي حول عناصر خطة الحل التي جرى وضع أسسها في اجتماع مجموعة العمل الدولية في يونيو الماضي في جنيف.