شيع آلاف الفلسطينيين في بلدة سعير بالضفة الغربية جثمان الأسير عرفات جرادات الذي استشهد في سجن "مجدو" الإسرائيلي بعد أسبوع من اعتقاله، في وقت حذر فيه مسؤولون إسرائيليون من اندلاع انتفاضة ثالثة. وجرى تشييع الجثمان في مراسم رسمية حيث أحاط جثمانه فلسطينيون بزي عسكري فيما انتشر الآلاف في وسط القرية وهم يرددون الشعارات التي تمجد الأسرى والشهداء، فيما رفع بعض الشبان رايات حركة "فتح" التي تقول إن جرادات كان أحد نشطائها. واعتلى الآلاف أسطح المنازل لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان جرادات بعد أن غصَّت الشوارع بالغاضبين، وأطلق بعض الملثمين من كتائب شهداء الأقصى الأعيرة النارية في الهواء لدى وصول الجثمان إلى القرية وتوعدوا بالرد الانتقامي. وكان جيش الاحتلال قد أعلن حالة التأهب في الضفة الغربية تحسباً لمواجهات مع الفلسطينيين إثر تشييع جثمان جرادات الذي تؤكد رام الله أنه استشهد أثناء التعذيب. وقال الجيش الإسرائيلي إنه عزَّز من وجوده في منطقة الخليل بالضفة الغربية، وتحديداً في محيط بلدة سعير التي ينحدر منها الشهيد، ومع ذلك فقد شهدت مواقع عدة في الخليل اشتباكات مع بعض الفلسطينيين ، لاسيما وأن عملية التشييع تزامنت مع الذكرى السنوية التاسعة عشرة لمجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل التي ارتكبها الإرهابي باروخ جولدشتاين وراح ضحيتها 29 شهيداً والعشرات من الجرحى كانوا سجّداً لله في الحرم خلال رمضان. من جانبه أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تل أبيب تريد الفوضى من خلال قتل الأطفال والشباب، وقال "نعرف كيف نتصرف ولن نسمح لهم بجرنا إلى مربعهم، وعليهم أن يتحملوا المسؤولية، وهم يريدون أن يصلوا إلى مرحلة نحن لا نريدها، ولكن عليهم أن يتحملوا مسؤولية ما يقومون به". وأضاف "قضية استشهاد الأسير جرادات لا يمكن أن تمر ببساطة لأنه ذهب إلى السجن برجليه ليعود جثة هامدة، ونحن مصرون على معرفة كيف تم ذلك ومن الذي قام به ولن نسمح لهم باللعب بحياة أبنائنا، فهم يتصدون للأطفال ويقتلونهم باستخدام الرصاص الحي، وكذلك لن نسمح بأن يبقى أسرانا في سجون الاحتلال طوال حياتهم على ذنوب لم يقترفوها". ومضى عباس قائلاً "نحن نطالب بالسلام المبني على العدل واجتثاث الاستيطان، لأننا دولة تحت الاحتلال، وحسب اتفاقية جنيف الرابعة، على إسرائيل ألا تغير من طبيعة الأرض التي احتلتها، أو تنقل سكانها إليها. وقرار مجلس حقوق الإنسان أكد ضرورة قيام إسرائيل باجتثاث استيطانها في فلسطين، وأن تعيد سكانها إليها دون تغيير في الطابع الجغرافي أو الديموجرافي، وفي هذه الحالة سيكون السلام قائماً". كما قالت وزارة الإعلام الفلسطينية في بيان "إسرائيل تدفع المنطقة نحو التصعيد وتقوم بتحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية تدهور الأوضاع عبر مطالبته بالعمل على تهدئة الأوضاع، ومن ثم تعمل على استثمار ذلك سياسياً ودبلوماسياً". وبدوره قال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب لدى مشاركته في تشييع الجثمان "مسؤولية الأسرة الدولية هي أن تخلق عناصر ضاغطة لمواجهة هذا الاحتلال، لأن قتل الفلسطينيين بدم بارد والاستيطان والحصار هو ذروة الإرهاب الرسمي الذي يمارس ضدنا" وأضاف "أمامنا تحد واحد هو إنهاء الاحتلال، والمقاومة هي طريقنا الوحيد، ونأمل أن يدرك العالم أن ما تقوم به إسرائيل سيقود إلى حالة من الانفجار".