تحتضن بعض شوارع العاصمة وأحيائها القديمة "مشردين" معظمهم من المخالفين بملابس رثّة تكسوها الأوساخ، وتبدو على وجوههم آثار الحزن والمرض والحاجة، بعضهم يجوب الشوارع متمتماً بجمل بعضها غير مفهوم، وبعضهم لا يشعر بتصرفاته، وآخرون يفترشون الأرصفة وأبواب المساجد ويحصلون على بعض ما تجود به نفوس المتصدّقين من نقود وأطعمة وملبوسات. هؤلاء المشردون وصلوا إلى هذا الحال نتيجة أسباب عده فمنهم مرضى نفسيون، ومن تفاقمت حالته نتيجة تأثير تعاطي المخدرات وإهمال علاجهم، فيما قد يكون من بينهم من تعرض للعقوق من الأهل أو الأبناء، أو محتاجون دفعهم إلى هذا الحال ليتخذ بعضهم من المنازل المهجورة والخيام المنصوبة في بعض الساحات مكاناً يؤوي إليه كي يحميه من البرد والتعب والمرض الذي يعانيه، فيما يجوب آخرون الأحياء ويفترشون الأرصفة والحدائق طوال الوقت ما يضع الجهات المعنية أمام مسؤولية كبيرة تجاههم ودراسة وضعهم وانتشالهم من حالتهم التي تثير الشفقة في نفوس كل من يشاهدهم على هذا الحال. "الوطن" رصدت عددا منهم في أحياء العزيزية والعود والبطحاء جنوب ووسط الرياض وهم يبدون في حال سيئ للغاية تكسوهم ملابس متسخة وتبدو أجسادهم منهكة ووجوههم شاحبة من التشرد، ورغم محاولة استنطاق أحدهم الذي غطى الشيب شعره إلا أنه رفض الحديث واكتفي بنظرات تحمل الأسى والحزن وتخفي وراءها كثيرا من المعاناة. وفي موقع آخر اكتفى أحدهم باسمه الأول "علي" وبدا في عمر يتجاوز الخمسين وهو يفترش باب أحد المساجد جنوبالرياض قبيل العصر ويقول إنه على هذا الحال منذ فترة طويلة لم يحددها، مشيراً إلى أنه لا يملك مسكناً يؤويه، ولا مالاً يسد به جوعه وعطشه ويعيش على هبات المحسنين وصدقاتهم، ورفض أن يتحدث عن أسرته قائلاً إنه لا يعلم أين هم، مضيفاً إنه يعاني من أمراض وفقر ولم يجد طريقة للعيش سوى التشرّد والتجوّل بين الأحياء وقريب من الأسواق والمطاعم للحصول على المساعدات الغذائية. وعلق المواطن مبارك الدوسري على ذلك بقوله إن هناك مشردين يعانون كثيراً ويتحملون كثيرا من المعاناة حيث تؤويهم الشوارع والممرات الضيقة والمنازل المهجورة ويحتاجون التفاتة عاجلة ودراسة وضعهم ومعالجة المرضى منهم ومعرفة أوضاع أسرهم ولماذا شردوا، كما يجب إلحاقهم بالمستشفيات لمعالجة الأمراض التي يعانون منها سواء عقلية أو نفسية ومعالجة المتضررين من تعاطي المخدرات في مستشفيات الأمل، وتهيئة مواقع لسكنهم ومعالجة أوضاعهم بدلاً من تشردهم ووجودهم عالة على المجتمع خاصة أنهم وصلوا إلى مرحلة لا يستطيعون مساعدة أنفسهم ويحتاجون إلى من يقف معهم عبر الجهات المعنية كوزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية ووزارة الصحة وغيرها كل حسب دوره واختصاصه.