بدأت حالة أشبه بفوبيا نقل الدم تنتاب مواطني جازان، تخوفاً من تعرض أي منهم لخطأ مشابه لذلك الذي أصاب الطفلة "رهام" دون علمه. وكشف أخصائي المختبرات الطبية بأحد المستشفيات الخاصة بالمنطقة، الدكتور نبيل جواد، ل"الوطن" أمس عن اتباع العديد من المختبرات وبنوك الدم بالمنطقة طرقا تقليدية تختلف عن القوانين والأنظمة المتبعة عالمياً في التعامل مع عمليات التبرع بالدم ونقله وحفظ أكياسه. وأوضح جواد أن هناك عدم اهتمام بكيس الدم المسحوب من المتبرع، مع عدم وضعه في المكان المخصص وتعبئة نموذج الملصق الموجود في الكيس بشكل مناسب حتى يمكن قراءة البيانات المسجلة عليه، إضافة إلى تسجيل البيانات في كشف البنك ورقم التليفون الخاص بالمتبرع. وبين أن الطرق الصحيحة في بنوك الدم هي أن يتم وضع كيس الدم في ثلاجة مخصصة للدم غير المفحوص فور سحبه من المتبرع، ويوضع بشكل يسهل على العاملين في البنك التمييز بين أكياس الدم المفحوصة وغير المفحوصة، وتسحب عينات من الدم للمختبر لعمل الفحوصات بكل أنوعها، سواء للإيدز أو الكبد الوبائي وغيرها من الفيروسات، لافتا إلى أن كتابة كلمة "مفحوص" غير كافية، بل يجب أن يكتب على العينة "سليم" أو "غير سليم"، ومن ثم تعاد للبنك مرة أخرى بتقرير مفصل من المختبر، ويتم فرز العينات بشكل مناسب من حيث النوع، وبعض الأكياس التي عليها ملاحظات توضع في ثلاجة أخرى وتغلف وتفصل جيدا كي لا يكون هناك شك في أي كيس. وفي حال طلب دم للمرضى يتم عمل توافق لدم المريض مع الكيس المناسب ويخصص للمريض نفسه. وأكد جواد على ضرورة عمل نظام حاسب داخل بنوك الدم لنجاح العمل مع ربطها بالمستشفيات الأخرى على المستوى المحلي والإقليمي، مستغرباً من عدم تفعيل هذا النظام في بنوك الدم في المنطقة. وبين أخصائي المختبر بأحد مستشفيات جازان" م. س" أن غياب التنسيق بين بنوك الدم في المملكة قاد إلى نقص في الإمدادات "ونتطلع إلى بنك دم مركزي يخدم جميع مناطق المملكة". وأوضح أن المتبرعين يعوضون النقص الحادث في إمدادات الدم، "حيث نطلب من أهل المريض التبرع لتوفير الدم الذي قد يحتاجه". وبين أن تبرع رجال الأمن والحملات التطوعية بين الحين والآخر يسهمان في توفير كميات كبيرة من الدم تغذي بنوك الدم، وخصوصاً في أوقات الكوارث والأزمات. لافتا إلى أن هناك مشكلة أخرى لا تقل خطورة عما سبق، وهي تغطية نقص العمل في المختبرات وبنوك الدم بأشخاص قليلي الخبرة، مثل المتدربين من الكليات والمعاهد الصحية، مما يعتبر خطأ كبيرا في إدارة وعمل أغلب بنوك الدم والمختبرات. وفي سياق متصل تصاعدت معاناة مرضى فقر الدم أو الأنيميا المنجلية في جازان من الانتظار لفترات طويلة حتى يتمكنوا من إحضار متبرع لتوفير احتياجهم من الدم. وقالت المواطنة حمدية أحمد "رغم أن فصيلة دمي( o+ ) متوفرة إلا أني أرغمت على توفير متبرعين قبل أن أدخل غرفة الولادة، خشية أن يقرر الأطباء لي عملية جراحية، وكان من المفترض عدم تعقيد وتعجيز المرضى بهذه الطريقة وتوفير جميع فصائل الدم لتدارك مثل هذه الحالات". وأشار المواطن حسن علي شوك إلى أنه يتلقى دوما اتصالات من العديد من الأقارب والأصدقاء يطلبون منه التبرع بالدم، مشيرا إلى أن ذلك دليل على عدم توفره بشكل كاف مما يضطره إلى الاتصال بأصدقائه وزملائه في العمل للتبرع بالدم. وأضاف المواطن إسماعيل عبدالله "أحد المصابين بالأنيميا" أن الأعراض المرضية للمصابين بأمراض الدم كثيرة ومؤلمة، منها ألم بالعظام والبطن بسبب تضرر الطحال والكبد، ونوبات وصعوبة في التنفس، وأحياناً ظهور دم في البول، ويحتاج المريض أحياناً لنقل الدم بصورة عاجلة للتخفيف من وطأة الألم. وقال المواطن عبدالله الحازمي "أصبحنا مصابين بفوبيا نقل الدم، ومهما ساءت حالتي الصحية فلن أوافق على أن ينقل لي دم في أي من مستشفيات جازان، وذلك بسبب فقد الثقة فيمن يقومون بفحص العينة وفيمن يقوم بنقلها، إضافة إلى ضعف إمكانات الأجهزة الطبية في اكتشاف الأمراض".