لم يكن عمداً ذلك الخطأ الذي ارتكبه فني مختبر مستشفى جازان العام، لكن أثره أحدث كارثة لم يتم تداركها إلى الآن. فبين سندان غياب موظفي أقسام المختبر الخمسة، ومطرقة إحساسه بخطورة انعدام أكياس الدم في مستشفى يستقبل عديدا من الحالات التي تتطلب نقل الدم، بادر الفني محاولاً الإمساك بالعصا من الطرفين، أولاً لتغطية غياب زملائه، وثانياً لتوفير إمدادات الدم لمحتاجيها، فأخطأ في تمرير كيس الدم المصاب بالإيدز على أنه سليم دون أن يلتفت لملاحظة أحدثت فارقاً حاسماً في حياة طفلة. وتتابع الخطأ بخطأ من قبل زميل آخر استخدم الكيس الملوث دون أن يلتفت بدوره إلى الملاحظة ذاتها، فوقعت الكارثة. وروى فني المختبر بمستشفى جازان إبراهيم حكمي، الذي فصل في قضية الطفلة «رهام»، تفاصيل الحادثة التي هزت المجتمع بنقل دم ملوث بالإيدز للطفلة رهام، أنه باشر الدوام يوم الإثنين قبل الماضي في السابعة صباحاً، وكان معظم الطاقم في الأقسام الخمسة للمختبر غائبين في ذلك اليوم، ومنهم خمسة ذهبوا في حملة صحية، وأبلغنا إدارة المستشفى بذلك ولم تحرك ساكناً. وقال كان بنك الدم في ذلك اليوم خاليا من أي أكياس دم جاهزة لتزويد المحتاجين بها، وعلى الفور تمت مخاطبة مختبر الدم لإحضار عينات جاهزة تم فحصها. وأضاف أنه تسلم من المختبر ظهر ذلك اليوم 40 كيساً من الدم، أدخلها على الفور في جهاز الحاسب، منها ما كان سليماً، ومنها ما هو إيجابي بالتهاب الكبد c وb حيث كان من ضمن النتائج الإيجابية نتيجتين لالتهاب الكبد تم إتلافهما مباشرة، وكان الكيس الذي يحمل فيروس الإيدز مسجل عليه ملاحظة «إعادة» ولكن مع زحام العمل، نتيجة لتغيب الموظفين، تم إدخاله ضمن النتائج السليمة ووضع في الثلاجة. وأشار إلى أنه كان يقوم بعمل اختبار الفصائل، ونتائج الفيروسات، وفصائل العينات للمتبرعين، واختبار التوافق للدم، وفصائل الدم للمرضى، وكذلك للمتبرعين في ذلك اليوم، وبقي في تغطية العمل ينتقل بين الأقسام الخمسة في مختبر الدم حتى الرابعة عصراً. وقال الحكمي إن كمية الدم التي أعطيت لرهام سحبت من الثلاجة عند العاشرة مساءً، وعند دوامي في اليوم التالي، الثلاثاء، أبلغه قسم الفيروسات بأن العينة التي سحبت إيجابية لمرض الإيدز، وعلى الفور بحثت عنها، لأكتشف أنها أعطيت للطفلة رهام. وأضاف الحكمي قائلاً أبلغت إدارة المختبر والمستشفى والطب الوقائي مباشرة بما حدث، وحاولت أن أجعلهم يتداركون الوضع سريعاً ويعالجوا الطفلة، التي اعتبرها كإحدى أخواتي. وقال أنه لو كان ممن ماتت ضمائرهم لأتلف الكيس واحتفظ بورقة النتيجة، ولكنه يخاف الله وحاول أن يتدارك وضع رهام البريئة. وبين حكمي بأنه يعمل في الصحة منذ عام وأنه حديث عهد ببنك الدم حيث لم يمض على عمله به سوى ثلاثة أسابيع، مشيراً إلى أن قرار الفصل كان مجحفاً بحقة، وتساءل لماذا لم يعاقب المتغيبون؟ ولماذا لم يعاقب الطب الوقائي الذي يعلم بأن متبرع الدم قد تبرع مرتين قبل عام في مستشفى الملك فهد؟ وأشار حكمي إلى أنه سيقاضي وزارة الصحة التي أصدرت الفصل بحقه، وقال إن اللجنة التي قدمت إليهم يوم الخميس الماضي كانت برئاسة مدير مختبرات بنك الدم الدكتور علي الشمري، وعضوية عدد من الأعضاء وأنه خضع للتحقيق منذ العاشرة صباحاً وحتى الثانية ظهراً. المتبرع شاب يعمل بفرع الشؤون الإسلامية بإحدى محافظات جازان وأشار إلى أنه واجه مدير عام مختبرات بنك الدم بتغيب الموظفين وأنه كان يقوم بعمل غيره لخلو البنك من الدم صباح ذلك اليوم، فكان رده نحن نحقق في قضية الخطأ وأما الأمور الأخرى فهي إدارية. وتساءل حكمي كيف يتم سحب ممارسة المهنة لخطأ في إدخال البيانات ليس من عملي؟ فعملي هو القيام بعمليات التوافق فقط لعينات الدم، وإنما لغياب طاقم البنك اضطررت أن أقوم بنقل أكياس الدم، وإدخال البيانات، وفرز المصاب، وفحص عينات المتبرعين والمرضى. وقال إنني أعيش وأسرتي وضعاً صعباً فحزننا على رهام أكثر إيلاماً من قرار فصلي، فأمي لا تفارق سجادتها، وإخواني وأنا ندعو الله أن يمن عليها بالشفاء العاجل، وبين أنه تلقى قرار الفصل وهو في عمله عند الثانية ظهر أمس الأول حيث تم إشعاره من قبل إدارة المستشفى بالفصل والآن يعيش مع أسرته المكونة من سبعة أفراد ويعتبر عائلهم الوحيد بعد وفاة والدهم. وفي السياق ذاته، كشف مصدر مطلع أن المتبرع شاب في العقد الثالث ويعمل بوزارة الشؤون الإسلامية في إحدى محافظات جازان وسبق أن تبرع بالدم مرتين في مستشفى الملك فهد بجازان. نقلا عن الشرق