"استيقظت ابنتي منزعجة، وقفزت من سريرها خائفة تصرخ بصوت عال، وضربات قلبها تتلاحق بعنف، ومظهرها يشير إلى قلق نفسي وجسدي مشترك، وعندما سألتها عن السبب، ذكرت لي أنها رأت في منامها شكلا مخيفا، فمرة يكون على هيئة أخيها الأكبر، وتارة يظهر بصورة إحدى زميلاتها في المدرسة، والتي لطالما اشتكت منها، وأخرى يظهر لها ذلك الشكل المخيف على صورة لعبتها المفضلة في إحدى الألعاب الإلكترونية".. تلك العبارات كانت لأم وليد التي تصف من خلالها الكوابيس المزعجة التي تتعرض لها طفلتها "فائزة" البالغة من العمر عشر سنوات، حيث تقول "أصبحت الكوابيس متلازمة تهدد طفلتي أثناء نومها، بل باتت المنغص الذي يؤرق جميع أفراد الأسرة جراء الصرخات التي تطلقها عندما يأتيها ذلك الزائر المخيف غير المرغوب". تقول اختصاصية الطب النفسي هدى البشير "إن الكوابيس حالة مزعجة تؤثر على سير النوم الطبيعي، وتظهر على شكل رؤى من مكونات يومية حياتية، أو معطيات خيالية. وما يهمنا هو الكوابيس المزمنة التي تجعل الشخص يستيقظ من النوم وهو يشعر برعب شديد". وعن تكرار الكوابيس تقول: "قد تتكرر الكوابيس، ويتراوح ذلك حسب حالة الشخص، وما يعلق بعقله الباطني، وقد تكون مزعجة لدرجة كبيرة تجعل النوم العميق أمرا مستحيلا، وهو ما يعطي الفرصة لجلب المشاكل النفسية الناجمة من التعب والإرهاق، ورفض الخلود إلى النوم، خاصة لدى الأطفال". وعن العلاج قالت البشير: "علاج الكوابيس عند الأطفال يكمن في محاولة معرفة السبب، وذلك لا يكون إلا عن طريق معرفة المؤثر الذي أدى إلى ارتكاز القلق لدى أحدهم، ومن ثم يترجم ذلك القلق والخوف لكابوس أثناء النوم، ولذلك فإن علاج السبب المؤثر هو المدخل الأنجح للتغلب على الكوابيس خاصة لدى الأطفال". وأضافت "لا ننكر هنا أهمية استخدام وسائل الطمأنة النفسية للطفل من قبل المحيطين به، خاصة الوالدين، وتختلف تلك الوسائل بحسب العمر، ومنها ذكر القصص المسلية للطفل قبل النوم، أو مصاحبة الأم لطفلها أثناء النوم، كذلك محاولة شرح أن الكوابيس ظاهرة شائعة قد تحدث عند الكبير والصغير، وأنها ليست حقيقة، وإنما هي فقط أحلام مزعجة مثلما هناك أحلام سعيدة". ونصحت البشير الأسر قائلة، "من الضروري أن يشعر الطفل بأن أسرته مستعدة لتقديم الحماية والمساعدة له دوما، وحذرت من صد الطفل عند ما يتعرض لحلم أو كابوس مخيف، وإصدار الأوامر له بالخلود إلى النوم مرة أخرى دونما أي اهتمام". وتابعت: إن دراسة أعدها باحثون في جامعة "يوزونجو يل" التركية، ونشرها موقع "لايف ساينس" العلمي الأميركي، كشفت أن "من يتأخرون في النوم عادة هم أكثر عرضة للأحلام المزعجة والكوابيس".