منذ الابتدائية، وهو يمر آيباً من مدرسته، يسير في سكك مدينته الهفوف -حاضنة التراث الأحسائي-، لم يلفت نظره شيءٌ سوى تلك المباني الطينية المزخرفة، والقصور التاريخية الشاهقة، ورغم أن حسن البقشي المعتق في عدسات الكاميرات -بدءا من غرف التحميض المظلمة إلى عصر الديجيتال- كان وقتها حديث عهد بما يعنيه بقاء تلك الزخارف صامدة في الأحياء القديمة، حتى وصل البقشي إلى مرحلة النضج في الذائقة الفنية، واستيعاب ما للصورة من دور في حفظ التراث والأدلة. البقشي قال ل"الوطن": استهوتني عمارة البيوت والقصور القديمة في الأحساء، ورغم أننا نسكن في الخرسانة المسلحة، إلا أن تلك النقوش كانت تجذبنا إليها، ولا نعرف لذلك سبباً، فأخذت على عاتقي أن أحفظ -على الأقل شيئاً منها-، وكان ذلك قبل عصر"الديجيتال" ، فالتقطت صوراً لمبانٍ كثيرة وأودعتها أرشيفي الخاص، وشيئاً منها في أرشيف صحيفة اليوم التي كنتُ فيها مصوراً ومحرراً لسنوات، ورغم المبالغ المادية التي أخسرها على "الأفلام وتحميضها" والكاميرات، وصعوبة الحصول عليها ذلك الوقت، إلا أن هاجس التوثيق ظل معي، وانتقل إلى الكاميرات الحديثة. وبين البقشي أن حيي النعاثل والكوت يضمان من العمارة الأحسائية منازل متنوعة وكثيرة، بعضها لا يزال موجوداً، تحت رحمة العمالة من يسكنون هناك بعدها هجرها أصحابها الأصليون، وبعض المنازل ضاعت وثائقها من ملاكها، موضحاً أن العدسة من شأنها حفظ كثير للتاريخ وللمعماريين المهتمين بالتراث، قبل أن تتساقط بقية المنازل، أو تزال. يعود البقشي إلى حي الكوت الذي يضم أغلب المواقع والمنازل الأثرية التي تحتل كثيرا من أرشيفه الخاص، كما طافت عدسته في بعض الآثار الموجودة في القرى والبلدات، واحتل جبل القارة اللقطات، ووصل عدد ما بحوزته من صور لتلك المعالم إلى أكثر من 10 آلاف صورة، يعتبرها حكاية زمن مضى، ينقلها إلى الأجيال القادمة، عبر العدسة.