سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"خبير معماري": "تخطيط الأحساء" يزحف نحو الصحراء.. ويبتعد عن "المياه" عبدالله الشايب: "الأمانة" تعمل على تنمية الهفوف والمبرز على حساب المجتمعات الحضرية الأخرى
في الوقت الذي تتجه فيه جميع مدن العالم باستهداف تنميتها المناطق العمرانية المجاورة للبحر والزحف نحوه، تسبح استراتيجية التخطيط التنموية في الأحساء ضد ذلك، وتختار الصحراء بديلا، على حساب تجمعات وصفتها بالقروية دائما، وكشف المهندس المعماري والمهتم بشؤون التخطيط الحضري عبدالله الشايب، أن أسلوب التخطيط في أمانة الأحساء مركزية، وبناء عليها تم العمل على تنمية مدينتين رئيستين هما الهفوفوالمبرز، على حساب المجتمعات الحضرية الأخرى. وقال الشايب ل"الوطن": إن هذا التصنيف أضر ببقية التجمعات الحضرية في واحة الأحساء ذات المساحة الشاسعة التي تقارب 530 ألف كيلو متر مربع، وأحدث تنمية غير متوازنة، وعاشت البلدات على الفتات المتبقي من المشاريع، وفي شرق وشمال واحة الأحساء أكثر من 50 مجتمعا حضريا داخل وحول المنطقة الريفية "معتمد فيها ثلاث مدن فقط هي العمران والعيون والجفر"، ويبعد الحد الشرقي عن الخليج العربي قرابة 50 كم على ساحل ميناء العقير التاريخي، وهناك مساحات براري مفتوحة في هذا الاتجاه لم يستفد منها. وأوضح الشايب أنه بعد ضم بلدية "العمران، والجفر، والعيون" في الثمانينات الميلادية من القرن العشرين، ما زال الأهالي لهم مطلب حثيث عبر المجلس بفصل ميزانياتها"، فلم تخصص لهم ميزانيات منفصلة، بل أصبحت هي ومشاريعها مركزية، مما أعاق تقدمها وتوافق البنية التحتية مع زيادة السكن ومخططات النمو، موضحا أن هناك قرارا من وزارة الشؤون البلدية والقروية قبل ثماني سنوات تقريبا بتنمية شرق الواحة، إلا أنه لم يفعل ونتيجة ل"تبييت القرار" نقلت بعض المنشآت الحكومية الكبرى مثل الكلية التقنية من شرق مدينة العمران - التي لا تبعد عن شاطئ العقير المطل على الخليج العربي سوى 50 كيلو مترا تقريبا -، إلى الغرب في مدينة المبرز، وكانت هناك محاولة سابقة لتثبيت مركز الملك عبدالله الحضاري إلى جنوبالهفوف لولا المتابعات الأخرى، ناهيك عن التقسيمات وتأكيد قروية المجتمعات الحضرية التي ينشأ منها تمايز، يكون موجها لصالح مدينتي الهفوفوالمبرز، فمثلا "شرق الهفوف وغرب الهفوفوجنوبالهفوف" لتنقل لها مشاريع ك"المستشفيات" وغيرها، وهذا يؤدي إلى ما يعرف في التخطيط بمجتمعات أو التكوينات الهامشية، فلا تحظى بالقدر من الاهتمام فتبدو الفجوة التنموية كبيرة، مع أن المسافات الفاصلة قصيرة، ويمكن القول في ذلك إغلاق مسالخ مدينتي العمران والعيون لصالح المسلخ المركزي بالهفوف، وتم بعد عام إعادة فتحهما، وكذلك سوق الخصار المركزي بمخطط الدوائر الحكومية ب"عين نجم" وبه سوق التمور، كل ذلك جاء بمركزية "إغفال مفهوم المسافات في التسوق اليومي". وأرجع الشايب كثيرا من إشكالات البيع العشوائي على الطرقات لعدم وجود أسواق رديفة في المدن الأخرى، بمعنى أن تكون خاضعة لمستوى الأداء البلدي في السوق المركزية، كما انتشرت ظاهرة الأسواق المفتوحة. وأكد أن 80% من المجتمعات الحضرية في الأحساء يمكن أن يطلق عليها مدن بناء على مواصفات وزارة الشؤون البلدية، من حيث عدد السكان الذي يزيد في معظمها على خمسة آلاف بل يمثل نسبة كبيرة أضعاف العدد "مثل الحليلة، الطرف، الشعبة، الجبيل، القارة، البطالية، القرين، الكلابية، الشقيق، جليجلة، الفضول، الجشة، المنيزلة، المنصورة، بني معن، المراح، وغيرها"، وأن أكثر من 60% من موظفيها لا يعملون في الزراعة، بل في القطاع العام الحكومي وشركات النفط والأعمال الحرة المختلفة، وتوجد بها مدارس إلى مستوى التعليم الثانوي للجنسين، إضافة إلى وجود مستوى من بنى تحتية اجتماعية - غير متكافئ مع قصور البنية التحتية الحضرية -، علما أن مواصفات المناطق المخططة فيها تخضع لأنظمة المدن مثل عروض الشوارع ومساحات القسائم وأنظمة البناء ك"الارتدادات" وعدد الطوابق والارتفاعات وغيرها، "فلماذا لاتُرّسم ك"مدن" ويصر أصحاب القرار في التخطيط العمراني على أنها "قرى". وأضاف أن التقسيم جعل في الأحساء مدينتين رئيستين فقط، هما الهفوفوالمبرز، بل حتى "العمران والعيون والجفر" التي يطلق عليها مدن رسميا، لم تنعم بخدمات مدنية كما ينبغي مما يجعل الزائر لا يدرك فروقا كبرى بينها وبين مجتمعات الجوار، موضحا أن مركزية التسوق في مدينة واحدة كالهفوف مثلا تمثل ضغطا وتزاحما لسكان المحافظة التي تقارب المليون ونصف المليون والزائرين من دول الجوار. وأضاف أنه نتيجة لاستشعار متخذي القرار بأن "القرى" أرياف زراعية وجدت لخدمة المدينتين الرئيستين - الهفوف، المبرز -، جعل تنميتها بطيئة، مما يجعل وجود مبرر مستدام "نتيجة للمركزية" إلى تنمية جنوب وغرب الأحساء، بدلا من إحداث التوازن إلى حيث الاتجاه للبحر، متسائلا: "هل تساعد بعض المشاريع التي بدأت تتكون إلى عصف في الرؤية واتخاد منهجية تؤكد ذلك؟ خاصة مع مشروع العقير السياحي؟، لأن تنمية شرق الواحة سيعطي ارتياحا للأهالي، ويخفف أزمة تآكل الرقعة الزراعية، وارتفاع أسعار الأراضي، وما إلى ذلك في وطن يجعل المساواة مبدأً ويخطو لإعمار الأرض للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة. وقال إن الإستراتيجية المركزية التخطيطية لم تعد صالحة في تطبيقاتها في المجتمعات الحضرية بالأحساء، متمنيا أن تتبلور فكرة مستقبلية (future thought) تؤسس على أساس التوازن في التنمية وإظهار القيمة الحضرية لكل مجتمع حضري في واحة النخيل، ونتطلع إلى هذا اليوم من الجهات التخطيطية.