اعتبر مسؤول أميركي سابق بوزارة الدفاع "البنتاجون"، أن إرسال روسيا عددا من طائراتها لإجلاء مواطنين روس يعملون بسورية، يدل على إدراك موسكو لمدى التدهور في الأوضاع الأمنية، في ظل رفض الرئيس السوري بشار الأسد المقترحات كافة لحل الأزمة سلميا. وقال مايكل دوران، الذي يعمل باحثا رئيسيا في الشؤون الأمنية بمعهد "بروكينجر الأميركي للدراسات"، "أعتقد أن خطوة وزارة الطوارئ الروسية لم تؤخذ في أي وقت سابق على الرغم مما كان يبدو عليه الموقف من تدهور. والإشارة التي يبعث بها قرار موسكو تتلخص في أنه لم يعد من الممكن الرهان على مستقبل النظام بسورية في الأمد القصير". وأعاد دوران إلى الأذهان تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، التي قال فيها: "إن الأسد يريد أن يعطي انطباعا كاذبا أنه بات يسيطر على الموقف". وأضاف "كان هولاند دقيقا. فكل المعلومات الاستخبارية تدل على أن الأسد يفقد كل يوم أرضا جديدة". وكانت التقارير الواردة من موسكو أشارت إلى أن طائرتين روسيتين حطتا بمطار بيروت لاستقبال نحو 100 من الروس العاملين بسورية بهدف نقلهم إلى موسكو. وقال خبراء روس إن كثيرين من مواطنيهم الذين يعملون بسورية، يبدون رغبة في العودة لوطنهم بسبب التدهور الأمني المتواصل. وتابع دوران "لا يستطيع نظام الأسد الحفاظ على ما وعد به من حياة طبيعية لسكان دمشق. فلا وجود لمواد غذائية أساسية إلا بأضعاف سعرها، ولا يمكن العثور على وقود السيارات، فضلا عن انقطاع التيار الكهربي بصفة دائمة تقريبا عن مناطق واسعة من دمشق. ويعزز ذلك من شعور السكان بأن الأمر يقترب من لحظاته النهائية". واستطرد "في إدلب يتقدم المعارضون المسلحون بصورة منسقة من غرب المدينة لتخومها الخارجية المحيطة بسجن شهير يسمى السجن المركزي. إدلب هي آخر المواقع الكبيرة التي يحتفظ بها النظام في تلك المنطقة. وسقوط إدلب الذي أعتقد أننا سنسمع به قريبا سيعني سقوط المنطقة بأسرها، إما أن تستسلم قوات النظام في المواقع الأخرى أو أن تنسحب". وعبر دوران عن أمله أن تنتقل موسكو لمرحلة من الضغط الفعال على الأسد؛ للتوصل إلى اتفاق يقضي برحيله الفوري. وأضاف "لا أعرف للأسد مخرجا آخر. فرحيله مع سقوط دمشق إلى أي دولة أخرى لن يحول دون الوصول إليه. لقد تمكنا من اعتقال كل المجرمين المتورطين في مذابح البوسنة وتقديمهم إلى العدالة. وإن كان الأسد يعتمد على خطة للحظة الأخيرة بالهرب، فإنني أنصحه بألا يفرط في الاعتماد على مثل تلك الخطة؛ لأنها لن تحول دون الوصول إليه لإجباره على دفع ثمن الدم الذي أراق". وفي بيروت، عبر نحو 150 روسيا من سورية إلى لبنان عبر معبر المصنع في طريق عودتهم لموسكو عبر مطار رفيق الحريري الدولي، واتخذت إجراءات أمنية مشددة تحضيرا لعملية الإجلاء، التي أكدتها موسكو أمس. وكانت مصادر دبلوماسية روسية في بيروت أكدت أن "موسكو تريد التوصل لتسوية توقف العنف من كلا الطرفين النظام والمعارضة في سورية، وتضع الأزمة السورية على طريق الحل السلمي"، نافية "سعي روسيا لتعزيز نفوذها في لبنان تعويضا عن خسارة مستقبلية في سورية". وأوضحت أن "الأسطول الروسي لطالما كان موجودا باستمرار في البحر المتوسط، وإنّ المناورات التي تجري حاليا روتينية، إذ تُنفذ من حين إلى آخر وفق برنامج التدريب القتالي، ولا علاقة لها بالمستجدات في سورية"، مشيرة إلى "مناورات روسية مماثلة في المحيط الهادئ والبحر الأسود وبحر البلطيق".