حديث شيق جرته الذكريات إلى ما قبل ستين عاما احتواه فناء المدرسة القديمة، حينما تجمع عدد من الأصدقاء القدامى ممن درسوا في المدرسة الأميرية بنجران واسترجعوا الماضي الجميل. يحكي علي فلاح آل ضاوي وهو أحد رجال التعليم الذي تولى إدارة المدرسة بعدما أصبح اسمها المدرسة السعودية وعمل بها لأكثر من عشرين عاما، فيقول: كنت أحد طلاب المدرسة الأميرية وكان يديرها الأستاذ يحيى صمان، وهو من أهل بيشة، وكان تعليم نجران وقتها يتبع إدارة تعليم بيشة. ويتابع فلاح حديث الذكريات وطرائفها: "في تلك المرحلة أذكر أنني اصطدت عصفورا وبعته على أحد الطلاب بقرش ريال وخبأه في جيبه بعد أن دخل المعلم وانقطع الهواء عن العصفور فأخذ يصيح، ويلتفت المعلم ويسأل عن الصوت ولا أحد يجيب، وتكررت العملية عدة مرات حتى مات العصفور ونشب عراك بيني وبين الطالب يريد استرجاع نقوده، وتدخل المعلم والمدير وكانت حكاية لا تنسى لا نزال نتندر بها". ويروي المتقاعد من إدارة التربية والتعليم سعيد حسين عفير فيقول: "كنا مجموعة من الطلاب محبين للعلم وللتعليم حتى إنني الآن أتذكر أسماء المعلمين مثل علي القاضي، ومجموعة من الطلاب الذين اعتلوا مناصب رفيعة. ويستذكر قائلاً "لم تكن هناك طاولات أو كراسي، كنا نجلس على الأرض، وكان خزان الماء عبارة عن برميل، وهناك عامل سقيا يحضر الماء في قربة ونأتي لنشرب دون وعاء، مباشرة من صفحة الماء، وكانت الرؤوس تتزاحم داخل فتحة البرميل، مما يخلق تصادما وشجارا، تنتهي بالمزاح والضحكات". ويقول محمد كزمان، أحد طلاب المدرسة والذي عمل مديرا لشركة صدف الكيميائية بالجبيل "إن لهذه المدرسة ومعلميها الفضل بعد الله في نشر العلم وتخريج عدد من العقول التي عملت وخدمت الوطن في مجالات عديدة، وأتمنى أن تهتم بها إدارة التعليم وتجعلها متحفا ومعلما أثريا يحوي الوسائل المتبعة في التعليم آنذاك وليعرف النشء الجديد كيف تعلم آباؤهم وأجدادهم قديما. وفي ذات السياق تحدث مدير فرع هيئة السياحة والآثار صالح آل مريح إلى "الوطن" قائلاً إن هيئة السياحة اهتمت بهذه المدرسة القديمة لمكانتها التاريخية ولكونها تمثل أول مدرسة بمنطقة نجران وتعتبر جوهرة ثمينة وجبت المحافظة على بنائها، وعلى هذا الأساس قمنا بترميمها وقد استغرقت عملية الترميم حوالي الشهرين، ويذكر آل مريح أن المدرسة الأميرية أنشئت عام 1361 بقرب قصر الإمارة ثم انتقلت إلى بناء بالطراز العمراني الجديد واستقر اسمها الآن باسم مدرسة الملك سعود، وبعد الترميم للمبنى القديم سوف تسلمها هيئة السياحة لإدارة التربية والتعليم.
..ومتحف لمقتنيات نجران القديمة ينظم فرع جمعية الثقافة والفنون بنجران مساء اليوم أمسية شعرية ضمن فعاليات مهرجان "أبا السعود"، بينما سيكون الجمهور على موعد مساء الثلاثاء مع مسرحية اجتماعية بمسرح القصر. وكان وكيل إمارة منطقة نجران المساعد عبدالله بن دليم القحطاني قد دشن أول من أمس، مهرجان "أبا السعود" التراثي، وانطلقت الفعاليات بعروض للخيل، وقدمت فرق شعبية ألوان "زامل، الرزفة، الطبول"، وذلك في الساحة الخارجية الشمالية من القصر، إضافة إلى افتتاح معرض للتصوير الضوئي وجناح الحرف اليدوية والمقتنيات التراثية، وورشة للرسم الحر مخصصة للأطفال في ساحة القصر الداخلية. إلى ذلك أكد عبدالله بن دليم القحطاني ل"الوطن" أن رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان، وجه ببناء مقر لحفظ التراث والمقتنيات القديمة كمتحف معني بآثار وتراث منطقة نجران.