يرى خبراء اقتصاديون أن استحواذ قطاع النقل في المملكة على مخصصات مالية ضخمة في ميزانية العام الحالي تقدر بنحو 265 مليار ريال، يعد إنفاذاً لتوجهات الدولة لتطوير القطاع المحوري كونه عصب الحركة الاقتصادية المتنامية، مشيرين إلى أن التحدي في إنجاح روزنامة المشاريع يتطلب طرحها للشركات العالمية والمحلية لضمان الإنجاز والالتزام، مشددين على ضرورة تحديث المناقصات؛ بما يراعي تحويل رأس المال إلى منتج ذي جودة عالية. وقال أستاذ الاقتصاد والتمويل الدكتور علي التواتي في تصريح إلى "الوطن" إن مشاريع النقل الجديدة ستتضمن مشاريع للنقل العام في الرياض ومنطقة مكةالمكرمة والمنطقة الشرقية وباقي مناطق المملكة. وأضاف "حسب التقديرات تستحوذ مشاريع النقل العام على نحو 100 مليار ريال بما فيها القطارات ضمن مشروع تطوير مكةالمكرمة"، مشدداً على ضرورة تطوير نظام المناقصات والمشاريع الاستراتيجية أو إسناده مباشرة للشركات القادرة في منافسات عالمية، لافتا إلى أن قطاعات المقاولات والإنشاءات السعودية لاتملك الخبرة الكافية ولا القدرات المؤهلة لعمليات التنفيذ، مطالباً بفحص الشركات فنياً ومالياً وتقنياً قبل إسناد المشاريع الحيوية إليها لأنها تتلامس مع المواطن. وأبان التواتي أنه يمكن الاستعانة بالشركات المنفذة لمترو دبي للتصدي للمشاريع التي تماثلها في منطقة الرياض أو الشرقية. فيما حذر من الأنظمة الحالية التي يتقدم لها مقاولون بأسعار أقل للفوز بالمناقصة ثم يبدأ المشروع بعد ذلك بالتعثر ويتقدم المقاول بالتماس لتعديل العقود بعد ضمان الحصول عليه، مؤكدا على ضرورة أن توقع المشاريع الكبرى اتفاقيات مع مصانع مواد البناء المحلية مثل مصانع الأسمنت والحديد للحصول عل كمياتها المطلوبة خارج السوق لتجنب الضغط على مستوى الطلب. من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن الحميد إن مخصصات النقل المرتفعة تعكس التوجه لبناء منظومة متكاملة اقتصاديا، لافتاً إلى أن مشاريع النقل رأسمالية لاتقارن بالمشاريع الخدماتية الأخرى مثل التعليم والصحة، حيث تصرف عليها السيولة النقدية ولايتبقى إلا الصيانة والتحديث فقط. وأضاف: إن القراءات حول مستقبل مشاريع النقل ستتركز على المشاريع الأكثر طلباً ولمواجهة الاختناقات المرورية وفك الازدحام ومضاعفة خيارات النقل والمواصلات، لافتاً إلى أن مخصصات 200 مليار فوق ميزانية وزارة النقل لاتعني تنفيذها خلال العام الحالي، مشيراً إلى توقعات بصرف حوالي 50 مليارا فقط وترحيل المخصصات للمشاريع مستقبلا لرفع كفاءة المشاريع وجودة المنتج النهائي. وأبان الحميد أن قطاع المقاولات السعودي لم يواكب القوة الاقتصادية وحجم المشاريع مما يتطلب ترسية المشاريع لشركات أجنبية ذات التزام قوي، لافتاً إلى أن المشاريع لم تتمكن من بناء قدرات لتنفيذ المقاولات محليا أو دولياً بالشكل المطلوب. في السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي عبدالمحسن البدر إن المشاريع بخلاف القطارات، ستتوجه إلى بناء طرق في المناطق الأقل نمواً، حيث لم يعد ذلك خياراً يمكن تأجيله، مبيناً أن الحجم الهائل من التغطية المالية بتخصيص 200 مليار لمشاريع النقل العام سيدعم تخصيص موازنة النقل للطرق بتطوير أكبر. وحول الفارق بين الميزانية الحالية والماضية أوضح أن الأمر لايقتصر على ارتفاعها فقط، بل على فصل قطاع النقل ككيان واحد لمواجهة التحديدات بعد تدعيمه مالياً، مبينا أن من خطط النقل العام تخفيف الازدحام وخلخلة الضغط من المناطق الرئيسية الثلاث إلى بقية المناطق بإنشاء شبكة الطرق وتطوير الطرق الحالية. وتوقع البدر أن تشهد المملكة خلال السنوات الثلاث المقبلة قفزة نوعية في مشاريع النقل.