لفت خبراء اقتصاديون إلى أن السياسة المالية السعودية نجحت في تحقيق ثاني أكبر فائض خلال 10 سنوات عند 386 مليار ريال وخفض مستوى الدين العام إلى نحو 3.6% من حجم الناتج المحلي بنحو 98.8 مليار ريال. وتوقع الخبراء أن تتمكن الحكومة من إطفاء الدين العام كلياً بنهاية 2013م لأنها تقترب من المنطقة المريحة مالياً في كل جوانبها. مشيرين إلى أن تنويع استثمار نحو 800 مليار تمثل الفائض النقدي للثلاث السنوات الأخيرة ما بين الداخل والخارج يعد الخيار الأمثل. بدوره قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبوداهش في تصريح إلى "الوطن" إن ارتفاع التقديرات في الميزانية يعود إلى توجه الحكومة إلى رفع مستويات الإنفاق للخروج من تبعات الأزمات العالمية مضيفاً أن المملكة نجحت في تجنب كل الأزمات والخروج منها منذ 2006. واصفاً الميزانية بالقوية في ظل الغموض الذي يلف مستقبل الاقتصادات الأوروبية والأميركية، مشيراً إلى أن المملكة في حال تقلبات أسعار النفط فإنها ستمول مشاريعها بالاحتياطات الضخمة التي تمتلكها مما يعني انتهاجها سياسة الإنفاق الخدماتي. وامتدح أبوداهش مخصصات التعليم والصحة والنقل في الميزانية باعتبارها أهم محاور التنمية للخروج من عنق الزجاجة. وعن أسباب الفارق الكبير بين حجم المصروفات الفعلية والمقدرة قال أبوداهش إن حجم الإنفاق الحكومي يكون أعلى من المقدر بنحو 20% عموماً لأسباب مختلفة منها البرامج الطارئة أو المخصصات الجديدة مثل برنامج حافز أو مخصصات الإسكان وغيرها خلاف المشاريع غير المعلنة كالدفاعية أو الأمنية. وعن قدرة القطاع الخاص على الاستجابة للحجم الكبير من المشاريع التنموية قال أبوداهش إن قدرات التنفيذ هي أبرز التحديات الراهنة، مشيراً إلى أن الدور المطلوب من الحكومة بالإنفاق موجود بعد رصد الحجم الكبير من الأموال والدور على القطاع الخاص للتنفيذ. وشدد أبوداهش على أن القطاع الخاص لا يستطيع امتصاص المشاريع جميعها. ويرى ضرورة الاستعانة بالشركات الأجنبية للتصدي إلى المشاريع لإنجازها في مواعيدها المحددة لافتاً إلى أن بعض المشاريع سيتم تمويله من الميزانيات السابقة لتعثر أو تأخر بعضها. وتابع أبوداهش أن القطاع الخاص السعودي يعد أبرز المستفيدين من حجم الميزانيات لاقتناص الفرص الاستثمارية في أسواق الإنشاءات. وعن تقييم لارتفاع حجم الفائض مقابل تراجع حجم الدين العام لمستوى يعد من الأدنى عالمياً أكد أن المملكة ستدخل المنطقة المريحة مالياً لانخفاض دينها العام إلى 3.6% عند حوالي 99 مليارا لأنها تملك معدلات عالية من الاحتياطات المالية بالإضافة إلى تدني الدين العام والمستويات النقدية العالية. من جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد السهلاوي في تصريح إلى "الوطن" إن ميزانية 2013 جاءت عند أقل من متوسط سعر برميل النفط على مستوى سنوي. مؤكداً أن المملكة تدير موازناتها بالطريقة المتحفظة لأسباب متعددة منها الابتعاد عن تقلبات الأسواق البترولية أو المخاطر الناشئة الجيوسياسية حول العالم سواء بالقرب من الأسواق المصدرة أو المستهلكة أو لأسباب تتعلق بخفض الإنتاج تحت أي ظرف. مبيناً أن الهدف من التحفظ مراعاة جميع التقلبات المصاحبة للتطورات سواء كانت سياسية أم اقتصادية. وقال إن التقديرات تضع "الاحتمال الأسوأ" لتجنب الاختلال في مشاريع التنمية التي تقودها المملكة خاصة أن الدول التي تعتمد على مصدر واحد تسعى إلى السياسة التحفظية لاعتبارات أن المصدر الواحد لا يمكن تعويضه من مصادر أخرى بسهولة ويصعب حينها برمجة الموازنة. وعن ارتفاع حجم المصروفات الفعلية عن المقدرة قال السهلاوي إن المملكة تراقب مستويات أسعار النفط لضخ بعض البرامج الجاهزة ذات الأولوية خارج الميزانية، مشيراً عند ارتفاع الأسعار أو استمرارها لفترة طويلة عن سعر معين فإنها تضخ برامجها للاستفادة من الوفر النقدي ثم تبدأ في برمجة المشاريع ذات الأولية الثانية لضخها للاستفادة من حجم العائدات المالية. وشدد السهلاوي على أهمية توظيف المخصصات الكبرى للتعليم والصحة على الكوادر البشرية. مشيراً إلى أن رفع مستوى تأهيل المعلمين والمعلمات بدرجة عالية جداً ورفع مرتباتهم ومعالجة حوافزهم ستمكن خطط المملكة من سرعة التحول إلى الاقتصاد المعرفي لبناء قوة اقتصادية جديدة تمكن من تعظيم العنصر البشري. وتابع السهلاوي إن الأمر ينطبق على الكادر الطبي بالتوسع في التوظيف وفتح الكليات للراغبين في العمل الطبي بشروط أقل والتركيز على الابتعاث الخارجي التخصصي لكون الصحة والتعليم أهم الجهات المطلوب تطويرها بالمستوى المطلوب. وعن قدرة القطاع الخاص قال إن القطاع الخاص قد لا يحتمل كل المشاريع مطالباً بالتدرج في طرح المشاريع. من جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاج في تصريح إلى "الوطن" إن حجم الميزانيات المرتفع للسنوات الأخيرة ساهم في حماية الاقتصاد السعودي من الأزمات، مشيراً إلى أن ارتفاع حجم الفوائض للثلاث السنوات الأخيرة لنحو 800 مليار يتطلب من الحكومة تحويلها إلى استثمارات محلية وعالمية بالإضافة على دعم سلة الإسكان سنوياً بمبالغ تمكنها من الاستثمار في بناء وحدات سكنية بالتوازي مع المشاريع الحالية. ولفت عجاج إلى أن الدعم الحكومي بطرح الكم الكبير من الميزانيات يتطلب دورا أكبر للقطاع الخاص للتصدي للمشاريع. وعن الوضع المالي للمملكة قال عجاج إن توقعاتنا تشير إلى تمكن المملكة من إطفاء دينها العام بنهاية 2013.