في مستودع تم تحويله إلى ورشة بأحد المربعات السكنية في بلدة بشمال سورية، ثمة رجال يعملون بجد على مخارط عملاقة، ومن حولهم تتناثر رقاقات معدنية. وعلى مقربة من الرجال تكومت جوالات من نترات البوتاسيوم والسكر. وبجوار الحائط صفت باهتمام المنتجات النهائية وهي قذائف مورتر محلية الصنع. يقول معارضون سوريون: إنهم اضطروا إلى تصنيعها بسبب عدم الرد على مطالباتهم بأسلحة ثقيلة وذخيرة؛ ليحاربوا بها الرئيس بشار الأسد. وذكر رجل ملتح يعمل على خرط المعدن لتصنيع رأس القذيفة "ما من أحد يقدم لنا الدعم. لذا نعمل بأنفسنا لمهاجمة بشار". ويستعين سبعة رجال تقريبا يعملون معا في الورشة بشبكة الإنترنت لإتقان صناعة الأسلحة البدائية. وفي تصنيع المتفجرات يستخرجون مادة "تي.إن.تي" من الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد عليهم ولم تنفجر، ويعيدون تعبئتها في أسلحتهم. غير أن كل واحد منهم قدم تقديرات مختلفة لمدى قذائف المورتر. وقال أبو محمد: "نحن متطوعون.. كنا عمالا ولم نكن جنودا قط. إنها محلية الصنع. صحيح أنها ليست بقوة صواريخ النظام، ولكن لها تأثيرات جيدة"، مشيرا إلى أن قذائف المورتر أحدثت حفرة عمقها ثلاثة أمتار ونصف. وأفاد عامل آخر أن قذائف المورتر التي يستغرق تصنيعها نحو يوم يمكن أن تصل إلى مسافة ستة كيلومتر. وقال رجل آخر في الورشة: "لا نستطيع الحصول على أي أسلحة من الخارج. لا نمتلك سوى البنادق لنقاتل بها". وتظل نسبة نجاح هذه الأسلحة موضع تساؤل. وذكر رجلان أن قذائف المورتر أصابت ما بين 80 إلى 90% من أهدافها، ولكن هناك بعض المشكلات. فأحيانا لا تنفجر القذائف، وأحيانا أخرى تنفجر قبل الأوان. وقال أحد الرجال: "كلما عملنا أكثر نكتسب خبرة أكبر"، موضحا كيف أنهم اكتشفوا أن الخليط المسؤول عن دفع القذائف يمتص الرطوبة إذا مرت عليه فترة أطول مما ينبغي، وهو ما يمنع بالتالي انفجار القذيفة. وفي أحد مواقع الجبهة في حلب أطلق معارضون قذائف المورتر من ماسورة محلية الصنع، أنتجت باستخدام المحور الأسطواني لسيارة كقالب للصب. ويعمل مقاتلو المعارضة أيضا على تصليح الأسلحة التي حصلوا عليها من قواعد الأسد العسكرية التي سيطروا عليها. كما تعمل مجموعة من الرجال على إصلاح دبابة تي-72 متوقفة في شارع سكني بعدما انفجر صندوق السرعات الخاص بها. وقال أبو جمعة، أحد الفنيين الذين يقومون بتصليح الدبابة التي يرجع تاريخها إلى سبعينات القرن الماضي، إن المقاتلين استولوا عليها من كلية للمشاة في شمال سورية وقعت مؤخرا في أيدي المعارضين. وأبلغ "ليس لدينا دبابات ولا طائرات ولا مدافع. كل ما لدينا هو الغنائم التي نحصل عليها، ونخوض الحرب مع الأسد بما حصلنا عليه. هذا هو الواقع. ونحن مضطرون لذلك".