لأنه وهب حياته التي امتدت لسبعين عاماً لخدمة فريضة الصلاة، حيث عمل مؤذنا وإماما منذ صباه، أكرمه الله بأن تكون الصلاة آخر أعماله والمساجد التي طالما تعلق قلبه بها وتردد صوته في جنباتها آخر أرض تطؤها قدماه ليلقى ربه وهو يصلي بجوار المنبر بعد أن رفع أذان الجمعة أمس. وبدت تبوك حزينة، وهي تتناقل خبر وفاة الشيخ علي الحكمي، ذلك السبعيني الذي طالما ألف المواطنون صوت تكبيراته. ويقول مؤذن جامع البازعي بتبوك الشيخ عوض الشهري بألم وحزن عن مشهد رحيل الحكمي: كعادته منذ عقود أتى أخونا وحبيبنا الشيخ علي الحكمي إلى الجامع مبكراً متطيباً ومتزيناً لصلاة الجمعة، وقام إلى المحراب ليرفع الأذان الأول، وبعد أن انتهى بدأ يصلي النافلة وفي ركعته الرابعة سقط على الأرض لينهي أعوامه ال70 التي قضاها كما عرفناه حريصاً على الخير ورفع الأذان وإمامة المصلين"، مشيراً إلى أنه تم نقله من خلال الهلال الأحمر لمستشفى الملك خالد، حيث حاول الأطباء إسعافه دون جدوى، مشيراً إلى أنه ستتم الصلاة عليه في نفس الجامع اليوم. وأضاف الشهري أن الحكمي أم المصلين أمس في صلاة الفجر وقرأ سورة الغاشية، وصاحب البكاء قراءته حتى أبكى معه المصلين، مشيراً إلى أنه كان يؤذن في سنواته الأخيرة دون راتب وذلك احتساباً للأجر، بعد أن كان مؤذنا رسمياً لعشرات السنين، إضافة إلى أنه كان يؤم الناس وخصوصاً في صلاة الجنائز. وذكر الشهري أن الشيخ الحكمي رغم كبر سنه كان حريصاً على مراجعة القرآن الكريم، حيث كان يراجعه مع المعلم في حلقة التحفيظ بجامع الرحمن الشيخ محمد السيد. "الوطن" اتصلت بالشيخ محمد السيد الذي لم يكن حينها قد علم بخبر وفاة الحكمي، وبدا من صوته تأثره بنبأ الوفاة، وقال بنبرة حزينة: إن الفقيد رغم كبر سنه كان مواظبا على الحضور بشكل يومي إلى حلقة التحفيظ وكان يسمع مقدار حزب من القرآن يوميا، وكان شديد التأثر بآيات الله وكثير البكاء عندما يتدارس معه تفسير آية من كتاب الله. ويضيف أن يوم الأربعاء الماضي كان قد سمّع سورة "الحجرات" و"ق" إلا أنه توقف تاركاً المجال لغيره من الطلاب بسبب كثرة المتواجدين في الحلقة، على أن يستكمل بقية حفظه اليوم. ويقول الشيخ محمد السيد: إن الحكمي كان يحرجني كثيرا من شدة تقديره لحملة القرآن وكان لا يرضى إلا أن يقبل رأسي رغم أنه أكبر مني سنا، ويقول أنتم أهل القرآن وحملته. وينتظر أهالي تبوك اليوم أن يؤدوا الصلاة على الحكمي وتشييع جثمانه بعد أن اعتاد هو على إمامة المصلين في صلاة الجنائز وتشييع الجثامين.