يا الله ما أجمل الوفاء وكم ذكر ذلك في كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام، ولله در من قال: كالشمع يحرق نفسه ليضيء للناس الطريق نتيجة الإحراق هلا رددنا للمعلم فضله شيئا من التقدير والإغراق والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير، حتى النملة في جحرها والحوت في البحر". حتى النملة في عالم الحشرات تعطي للمعلم حقه، فما بالك ببني آدم هل يأخذ من هذه الحشرات قدوة؟ زيادة على ذلك عندما يبلغ المعلم من العمر عتيا عندما يقف مذهولا أمام طلابه في أي مناسبة وكأنه ما زال أمامهم في فصلهم الدراسي، واقفا وهم يتربعون بتلك البشوت والتي تغطي أجسادهم الشابة، وذلك المسن الذي عفا عليه الزمن وأكل من ركبتيه الكثير، واقفا دون أن يريح ساقيه وركبتيه على مدار ما يقارب من 40 عاما. أما آن الأوان لأجلس على الكرسي أمام طلابي. كم تكون الحسرة والألم يعتصران نفسي عندما يلمحني أحد طلابي وأنا واقف في تلك المناسبة وينهض لمعانقتي، وأتأمل في تلك الوجوه التي أمامي وماذا تفكر فيه وهي ترى ما وصل إليه حالة المجتمع من ثقافة حيال معلمي زمانهم وزمن آبائهم، وقد أمد الله في أعمارهم حتى هذه اللحظة، وماذا حل بالعقول حتى يكون ترتيب الناس حسب مظاهرهم وليس حسب عقولهم وما قدموه في حياتهم. أخي المعلم .. أسأل الله أن يكون جزاؤك عند الله، فأخلص النية وتفان في إيصال الرسالة لأبنائك وكن قدوة حسنة لهم، ولا تنتظر الجزاء والتقدير من مجتمعك، فالنظرة المادية هي الطاغية هذا الزمان، واحتسب حتى طلابك ممن اعتلوا المناصب وليس كلهم تراه ينظر إليك واقفا أمامه متبجحا مرتاحا دون أن توسوس له نفسه بالعيب وعدم الاحترام، ولله درك أيها الطالب النجيب الوفي الأصيل، ذلك الوزير عندما رأى في مناسبة معلمه قبل أربعين سنة واقفا، ونهض من مقعده في مقدمة الصفوف مسلما ومعانقا أستاذه الكبير في السن، وأبى أن يرجع مكانه، وأخذ الميكرفون وعرف بمعلمه وفضله. حري بنا إعطاء من وقف كثيرا ليعلم ويرشد حقه، ولو فيما بقي من عمره، ويكون ذلك دافعا للأجيال الشابة ممن امتهنوا مهنة التعليم والتربية أن يعطوا ويتفانوا في رسالتهم النبيلة وأشعروهم أنهم محل التقدير والاحترام.